المعنى :
هذا يوم الفصل والقضاء العدل ، فلا تظلم نفس شيئا ، ولا تجزى إلا بأعمالها ويقال لهم زيادة في إيلامهم : إن أصحاب الجنة اليوم في شغل عنكم بنعيمهم ومتاعهم فاكهون.
نعم إن أصحاب الجنة الذين هم يتمتعون بها في شغل ، وأى شغل؟ إنه شغل من سعد بالجنة ونعيمها ، وفاز بنيل ذلك النعيم المقيم والملك الكبير ، وتمتع بما أعده الله للمصطفين من عباده الأبرار ثوابا لهم وإكراما ، وجزاء لهم على ما كانوا يعملون ، وما أدق وصفهم بقوله : فاكهون ، أى : متنعمون ومتلذذون بما هم فيه ، فحقّا إنهم لفي شغل عن النار وأصحاب النار ، فيا ويلكم أيها المشركون من النار ومن عذابها!! وأزواجهم وهم في ظلال وارفة ، على الأرائك والسرر متكئون ، يسمرون ويتمتعون ويرزقون رزقا كريما ، لهم فيها فاكهة كثيرة ، ولهم ما يتمنون مما لا يقع تحت حصر ، ومما لا عين رأته ولا أذن سمعته ، ولا خطر على قلب بشر.
تحيتهم سلام يقال لهم .. قولا من رب رحيم ، وهذا السلام بواسطة الملائكة أو من الله مباشرة مبالغة في تعظيمهم ، وزيادة في إكرامهم والحفاوة بهم.
هذا حال المؤمنين العاملين. نعيم مقيم في جنات الخلد مع التحية والإكرام. أما الفريق الثاني فيقال لهم : امتازوا وانفردوا عن المؤمنين أيها المجرمون ، وكونوا على حدة ، وحين يحشر الناس ويذهب بالمؤمنين إلى الجنة (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) [الروم ١٤ ـ ١٦].
ثم يقال لهم تأنيبا وتوبيخا على ما مضى من أعمالهم : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) وعهد الله ببني آدم ما ركب فيهم من القوى العاقلة والفطرة السليمة التي تهتدى إلى الخير ، وما أرسل إليهم من رسل مبشرين ومنذرين يدعونهم إلى عبادة الرحمن ، ويحذرونهم دائما من طاعة الشيطان ، حذرنا الله بواسطة رسله من الشيطان فإنه لنا عدو مبين بين العداوة ، وأمرنا بعبادته وحده والاستعانة به وحده فهو الله لا إله إلا هو.