المفردات :
(زُلْفى) : قربة (لَاصْطَفى) : لاختار.
وهذه سورة مكية تكلمت أولا عن القرآن الذي أنزل على محمد بن عبد الله بالحق وناقشت المشركين في عقائدهم ، ونفت عن الله اتخاذ الولد.
المعنى :
ذلك الكتاب الذي أحكمت آياته ثم فصلت ، تنزيل من الله العزيز الذي لا يعجزه شيء في السماء ولا في الأرض ، الحكيم صاحب الحكمة الذي يضع كل شيء في موضعه ، والله سبحانه حكيم حقا لأنه عالم بكل الجزئيات ، لا يعجزه شيء من الممكنات ، ومستغن عن كل الحاجات ، وإذا كان هذا كلامه وجب أن نتبعه في كل شيء وأن نؤمن به ، وقد شرع الله في الكلام على ما أنزل عليه بعد الكلام على القرآن نفسه فقال : إنا أنزلنا إليك يا محمد القرآن ملتبسا بالحق الذي لا شك فيه ، وبالصدق الذي ليس معه باطل ولا هزل ، فكل ما فيه حق لا ريب فيه ، موجب العمل به حتما ، وإذا كان الأمر كذلك فاعبد الله أيها الإنسان مخلصا له الدين عبادة ليس فيها رياء ولا سمعة عبادة خالصة لوجه الله ليس معها شرك ولا وثنية.
ألا لله الدين الخالص ، نعم لله وحده الدين الخالص فلا شريك له ولا ند ، فالاشتغال بعبادة الله على سبيل الإخلاص أفادته الآية الأولى ، وأما نفى الشريك والبعد عن عبادة غير الله فقد أفادته الآية الثانية (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) وعلى ذلك فلا تكرار ، القرآن يحثنا على عبادة الله وحده مع الإخلاص والصدق في العمل ، والذين اتخذوا من دون الله آلهة عبدوها وأشركوها بالله ويقولون : ما نعبدهم إلا ليقربونا زلفى .. كانوا إذا قيل لهم من ربكم؟ ومن خلقكم؟ ومن خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء؟ قالوا : الله! فيقال لهم : ما معنى عبادتكم غيره؟ قالوا : عبدناهم ليقربونا إلى الله زلفى. ويشفعوا لنا عنده (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً). [الأحقاف ٢٨]
كأنهم يقولون : إنا نتخذهم وسطاء وشفعاء لله ، والله ـ سبحانه ـ ليس في حاجة إلى ذلك إذ هو العليم الخبير بخلقه البصير بهم ، واسع الفضل والرحمة فليس في حاجة إلى