وهذا تذكير بنعم الله على الناس ، وبآياته الدالة على كمال القدرة وسط الوعيد الشديد ليعلم الخلق أنه وعيد ولكن من إله رحمن رحيم ، قادر عليهم.
المعنى :
الله ـ عزوجل ـ الذي جعل لكم الأنعام ، وخلقها لأجلكم ولمصلحتكم لتركبوا بعضها ، ومنها تأكلون ، ولكم فيها منافع غير الركوب والأكل كالألبان والأوبار والجلود وغير ذلك ، ولتبلغوا عليها حاجة تشغل بالكم وهي نقل الأثقال والأحمال من بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ، وعليها وعلى الفلك ، أى : السفينة تحملون ، فقد حملنا ربنا في البر على الإبل وفي البحر على السفن ، وقد علمنا الله كيف نسخر الطبيعة فحملنا الريح والحديد والماء وغيرها.
وهكذا يريكم الله آياته الكونية التي تدل على باهر عظمته ، وعظيم قدرته جل شأنه.
وفي كل شيء له آية |
|
تدل على أنه الواحد |
فأى آية من آياته الباهرة تنكرون؟ وبأى آية من آياته تعجبون؟ فكيف تنكرون البعث وتعدونه عظيما؟ من يحيى العظام وهي رميم ، عجبا لكم؟! أنتم أشد خلقا في البدء والإعادة أم السماء بناها رفع سمكها فسواها؟! تركيب هذه الآية قد حير جهابذة العلماء قديما حيث قالوا : كان الظاهر أن يؤتى باللام في الجميع أو تترك في الجميع فيقال (مثلا) لتركبوا : ولتأكلوا ، ولتنتفعوا ، ولتبلغوا .. الآية.
وقد أجاب بعضهم على هذا السؤال بأن المراد بالأنعام الإبل خاصة ، وركوبها وبلوغ الحاجة بها من أتم الأغراض ؛ لأن جل منافعها الركوب والحمل عليها ولذا قال : لتركبوا. وتبلغوا ، وأما الأكل والانتفاع بالأوبار والشعر فغرض بسيط ، والله أعلم بأسرار كتابه.