المفردات :
(لا يَسْأَمُ) : لا يمل (فَيَؤُسٌ) : اليأس قطع الرجاء من رحمة الله (قَنُوطٌ) والقنوط : إظهار أثر اليأس على ظاهر البدن (أَذَقْناهُ) : آتيناه (لَلْحُسْنى) المراد : الجنة (غَلِيظٍ) : كناية عن الشدة (وَنَأى) أى : انحرف عنه وذهب بنفسه وتباعد عن الشكر (عَرِيضٍ) المراد : كثير ، فإن العرب تستعمل لفظ الطول والعرض في الكثرة ، يقال : أطال فلان في الكلام وأعرض في الدعاء إذا أكثر.
المعنى :
هذا هو الإنسان على طبعه وحقيقته ، كما وصفه خالقه الذي هو أعلم به ، (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) [الملك ١٤] وهذه الصفات التي ذكرت هنا وفي بعض السور هي للإنسان من حيث هو إنسان ، ولا يخفف من حدتها أو يعدل سورتها أو يقلبها بالمرة إلا اتباع الدين ، وتطهير النفس بطهر القرآن ، وملؤها بشعاع الإيمان ونور الإسلام (وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) [سورة العصر] وهذه الصفات هي التي تكون له عونا له أو عليه في الآخرة (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) [الكهف ٣٦](وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ. وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ* إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [طه ٩ ـ ١١].
ونحن نرى أن القرآن وصف الإنسان بأوصاف :
١ ـ أنه لا يمل من طلب الخير كالمال والجاه والصحة وغيرها ، وهذا ينشأ من حبه للدنيا وإغراقه في المادة ولقد صدق رسول الله حيث قال : «اثنان منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب مال».
٢ ـ إن مسه شر أو حلت به مصيبة فهو يئوس يقطع الرجاء من رحمة الله ، قنوط تظهر آثار يأسه على وجهه وبدنه ، وقد بالغ القرآن في يأس الإنسان إذا مسه شر ، وهذا ينشأ من عدم الإيمان بالله والكفر به فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ، فاليأس والإيمان لا يجتمعان في قلب.