المفردات :
(يَنْكُثُونَ) : ينقضون العهد الذي جعلوه على أنفسهم (مَهِينٌ) : ضعيف فقير فهو يمهن نفسه في قضاء حاجاته (يُبِينُ) يقال : أبان عن رأيه بمعنى يفصح عنه (أَسْوِرَةٌ) : جمع سوار ، وهو حلية تلبس في اليد (آسَفُونا) : أسخطونا وأغضبونا (سَلَفاً) : قدوة لغيرهم من الكفار (وَمَثَلاً) : عظة وعبرة لمن يأتى بعدهم.
ولقد طعن الكفار في نبوة سيدنا محمد بن عبد الله ، وقالوا : لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ، ولقد رد الله عليهم مقالتهم وألقمهم حجرا ، ثم بعد هذا ساق قصة موسى مع فرعون هنا عبرة وعظة وسلوى ، وليعلم الناس أن ذلك سلاح قديم ، وتلك مقالة ـ لو لا نزل هذا القرآن .. الآية ـ سبقهم إليها فرعون وقومه فكانت عاقبة أمرهم خسرا ، ونجى الله المؤمنين بفضله.
المعنى :
وتالله لقد أرسلنا موسى ، ومعه الآيات التسع ـ التي تقدم ذكرها في سورة الإسراء وغيرها ـ أرسلناه إلى فرعون وملئه ليخرج بنى إسرائيل من كيد المصريين وظلمهم حتى إذا خرجوا من مصر ونزلت عليهم التوراة وفيها هدى ونور وكانت لهم شريعة ، وكان منهم المؤمنون ، وكثير منهم فاسقون ـ كما عرفت ذلك فيما مضى ـ فلما أرسل موسى لفرعون وملئه قال لهم : إنى رسول رب العالمين إليكم ، فطلبوا منه الآيات فلما جاءهم بها ـ كالعصا واليد ـ إذا هم منها يضحكون بسرعة وخفة ، وبدون نظر ولا بحث ، أى : لما جاءتهم الآيات فاجأوا المجيء بها بالضحك عليها سخرية من غير توقف ولا تأمل ، وهذا المعنى الذي هو السرعة والمفاجأة بالضحك استفيد من قوله تعالى : (إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) [سورة الزخرف آية ٤٧].
ما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها ، بمعنى أن كل آية تعد كأنها أكبر من أختها وزميلتها ، إذ كل واحدة لكمالها في نفسها ووفائها بالغرض المقصود منها كأنها أكبر من زميلتها ، كما قالت أعرابية وقد سئلت عن بنيها : أيهم أفضل؟ فقالت : «هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها» وكما قال الشاعر :