المعنى :
إن المتقين في مقام أمين ، يأمنون فيه على أنفسهم من كل شر فهم آمنون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وكفاهم سلامة وأمنا في جوار العزيز الرحمن ، وهم مع إخوانهم متقابلون متسامرون ، قد نزع الله ما في قلوبهم من غل وحسد فهم دائما متقابلون.
الأمر كذلك ، أو كما أدخلناهم الجنة وفعلنا بهم ما تقدم ذكره كذلك أكرمناهم بأن زوجناهم حورا عينا ، كأنهن الياقوت والمرجان ، حور مقصورات في الخيام ، لم يطمثهن قبلهم إنس ولا جان ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!
يدعون الخدم في الجنة ويطلبون منهم كل فاكهة آمنين من كل أذى أو مكروه ، وهم في الجنة خالدون ، لا يذوقون فيها الموت أبدا ، لكن الموتة الأولى قد ذاقوها في الدنيا ، وأعطاهم ربك ما عرفت ووقاهم عذاب الجحيم الذي يصلى به كل فاجر أثيم ، فعل ذلك بهم ربك تفضلا منه وإحسانا عليهم ، ذلك الجزاء هو الفوز العظيم لا غير ، وذلك فضل الله وتوفيقه يؤتيه من يشاء ، وهذا الكتاب المبين الذي أنزل في ليلة مباركة شأنه شأن الكتب التي تأتى مع الرسل رحمة بالعباد ، فيا محمد ذكر بالكتاب المبين قومك فإنا سهلنا عليك تلاوته وتبليغه إليهم (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ* ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) (١). (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٢).
ذكرهم به واقرأه عليهم لعلهم يتذكرون ويتعظون ، فإن لم يتعظوا ولم يؤمنوا فارتقب هلاكهم وارتقب نصرك الذي وعدناك إنهم مرتقبون ، وتوكل على العزيز الرحيم ، فالله معك وناصرك وعاصمك من الناس ، وهو على كل قدير.
__________________
١ ـ سورة القيامة الآيات ١٧ ـ ١٩.
٢ ـ سورة القمر آية ٣٣ وآية ٤٠.