قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥)
المعنى :
الله ـ سبحانه وتعالى ـ صاحب الفضل على الخلائق. ورب النعم على العباد ، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ، فهو الذي سخر لكم البحر وذلله بأن جعل فيه الاستعداد لأن تجرى الفلك فيه بأمره ، فهو الذي خلق فيه قوة الضغط وجعله سائلا تجرى على صفحته السفن ، وأرسل الرياح تدفعها إلى حيث يريد الإنسان ، كل هذا لتبتغوا من فضل الله بالتجارة والانتقال من مكان إلى آخر ، ولعلكم مع هذا تشكرون ربكم الذي أنعم عليكم ولا تكفرون.
وهو الذي سخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه ، وها هو ذا الإنسان بما أودع فيه من قوة العقل والتفكير استخدم الطبيعة في أغراضه وسخرها لمنافعه وأصبح يشارك السمك في الماء والطير في الهواء والأصداف في قاع البحار ، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ، وينظرون.
قل يا محمد للذين آمنوا بربهم ، واهتدوا بنوره السماوي ، قل لهم : يغفروا للذين لا يرجون لقاء الله يوم القيامة ، فمن عفا وأصلح فأجره على الله ، يغفر لهم سيئاتهم ليجزيهم الله على ذلك أحسن الجزاء ، وليجزي قوما أساءوا غيرهم بلا ذنب ولا جريرة إلا أنهم يقولون ربنا الله ليجزيهم بما كانوا يكسبون ، وعلى هذا فالذين أساءوا هم الكفار ، وسيجزيهم ربك يوم القيامة ، فالكل خاضع لقانون عام هو : من عمل صالحا فلنفسه بغى الخير وسيجازى على معروفه ، ومن أساء وارتكب الآثام فعلى نفسه وحدها وقع الجزاء ، ثم بعد ذلك إلى ربكم ترجعون فتجزون الجزاء الأوفى ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.