المفردات :
(وَالْحُكْمَ) : الفهم والقضاء (شَرِيعَةٍ) الشريعة : ما يرده الناس من المياه والأنهار (١) (بَصائِرُ) : جمع بصيرة ، والمراد الدلالة الواضحة والحجة القائمة.
وهذه نعم خاصة بعد النعم العامة تتعلق ببني إسرائيل ، ومع ذلك لم يشكروا بل اختلفوا في أمر الدين بعد ما جاء العلم بحقيقة الحال على سبيل البغي والحسد ، فكذلك كفار قريش جاءتهم أدلة واضحة قوية ثم أصروا على الكفر وأعرضوا عداوة وحسدا وبعد ذلك أمر النبي صلىاللهعليهوسلم باتباع الشريعة الغراء ومخالفة من يتبعون أهواءهم.
المعنى :
لقد آتينا بنى إسرائيل الكتاب الشامل للتوراة والإنجيل والزبور ، وآتيناهم الحكمة والفهم السليم ، والحكم بين الناس بما أنزل الله ، وآتيناهم النبوة فقد كانت النبوة فيهم إلى أن ظهر النبي صلىاللهعليهوسلم من نسل إسماعيل. وتلك نعم تتعلق بالدين ، وهاك ما يتعلق بالدنيا من النعم : رزقهم ربك رزقا طيبا حلالا لا إثم فيه فأورثهم أموال فرعون وديارهم ، ثم أنزل عليهم المن والسلوى ، وجعل منهم الملوك والحكام ، وفضلهم بهذا على عالمي زمانهم فكانوا أكبر درجة وأرفع منقبة ممن عاصرهم.
أتاهم ربك ببينات في أمور دينهم ودنياهم ، فكانوا على بصر وبصيرة ، وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم الذي كان المفروض أن يكون سبب هداية لا سبب اختلاف ، وما كان اختلافهم إلا بغيا وحسدا لا لتقصير في الحجة وضعف في البرهان.
فبنو إسرائيل كانوا على بينة من أمر شريعتهم وأمر النبي صلىاللهعليهوسلم فالبشارة به وصفاته كانوا على ذكر منها ، وما اختلفوا معه وكفروا به إلا من بعد ما جاءتهم حقائق النبوة الصادقة على يد محمد صلىاللهعليهوسلم (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) (٢) إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة
__________________
١ ـ ثم استعير ذلك للدين ؛ لأن العباد يردون فيه ما تحيا به نفوسهم.
٢ ـ سورة البقرة آية ٨٩.