المفردات :
(بَيِّناتٍ) : واضحات كالشمس. (لِلْحَقِ) أى : لأجل الحق. (أَمْ) المراد : بل أيقولون. (افْتَراهُ) : اختلقه من عنده. (تُفِيضُونَ) : تأخذون فيه وتندفعون إليه كاندفاع السيل. (بِدْعاً) البدع : الأول وقرئ بدعا جمع بدعة ، وشيء بدع أى : مبتدع ليس له مثال. (إِفْكٌ قَدِيمٌ) أى : كذب قديم. (إِماماً) : يقتدى به.
بعد أن عاب عليهم اتخاذ شركاء لله وعبادة الأوثان ، أراد أن يبين شبههم الواهية في أن القرآن من عند محمد وليس من عند الله ، وفي صدق محمد فيما يدعيه.
المعنى :
وإذا تتلى على المشركين آياتنا البينات ، ومعجزاتنا الواضحات التي هي أوضح من الشمس وأقوى من فعل السحر قالوا لأجل الآيات التي هي الحق من عند الله : هذا سحر بين ظاهر فإنها تعمل عمل السحر ، وتفرق بين المرء وما يحبه ويهواه ، وتخلق من المسلم رجلا آخر ، لما يروا هذا يقولون : إن محمدا ساحر ، وما يأتيه سحر مبين.
أم يقولون افترى القرآن؟ (١) أى : بل أيقولون افتراه واختلقه من عند نفسه ونسبه إلى الله؟ وهذه شبهة ثانية ، كأنه قيل : دع هذا واسمع قولهم الذي ينكره كل عاقل ، قولهم العجيب الذي يدعو إلى العجب العجاب فإن افتراء محمد للقرآن ، مع تحديه لكم أن تأتوا بمثله مجتمعين ، ثم أنتم تعجزون عن ذلك ، إن قدرة محمد على اختلاق القرآن وحده فرضا مع عجزكم عنه لدليل على أن هذه القدرة من عند الله ، ومعجزة لمحمد صلىاللهعليهوسلم وتصديق من الله له ، والعزيز الحكيم لا يصدق الكاذب! قل لهم يا محمد : إن افتريته على سبيل الفرض عاجلني الله بالعقوبة على الكذب وأنتم لا تقدرون على كفه ، ومنعى من وقوع العذاب على ؛ فكيف أفتريه وأتعرض لعقاب لا يملك أحد شيئا يمنعني به من عذاب الله؟!
__________________
(١) (أم) هنا بمعنى (بل) الإضرابية ـ إضرابا انتقاليا من معنى لآخر ـ والهمزة الاستفهامية وهي تفيد هنا الإنكار.