رب اهدني إلى شكرك حيث أنعمت على وعلى والدي نعما لا تحصى ، واهدني إلى صالح الأعمال ، واجعل الصلاح والتقوى ساريا في ذريتي راسخا في أبنائى لأنى تبت إليك وأنبت ، وإنى من المسلمين القانتين فاغفر لي ووفقني يا أكرم الأكرمين.
أولئك ـ والإشارة للتعظيم ـ الذين نتقبل عنهم أحسن أعمالهم ، وكلها بسبب كمال الإخلاص من أحسن الأعمال ، ونتجاوز عما فرط من سيئاتهم ، وعدهم ربك بذلك وعدا هو الصدق بعينه ، الذي كانوا يوعدون به على ألسنة الرسل ، أما الصنف الثاني الذي لم يرع في الله حقا ، ولم يرع لوالديه حرمة ، ورد الجميل بالقبيح ، وجازى الحسنة بالسيئة فهذا والداه وهما كما عرفت تعبا وسهرا لراحته وصنعاه حتى اكتمل ، وأشارا عليه بما فيه خيره وسعادته ؛ ومع هذا ما زاده ذلك كله إلا استكبارا وعنادا وكفرا وجحودا .. انظر إليه وهو يقول : والذي قال لوالديه حينما أشارا عليه بالإسلام والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر قال لهما : أف لكما أتعداننى بالبعث وأنى سأخرج من القبر للحساب ، والحال أنه قد خلت القرون من قبلي ومضت آلاف السنين ولم نر أحدا بعث ، يريد بهذا إنكار البعث.
وهما يستغيثان بالله من أفعاله ، ويلجئان إلى الله أن يرشده ويهديه ، ويقولون له : ويلك وهلاكك آمن مع المؤمنين ، وليس مرادهم الدعاء بالويل والثبور ، بل هما يحثانه على الإيمان والدخول فيه بسرعة ، لأن وعد الله حق ، وقد وعد المؤمنين بالثواب ، والكافرين بالعقاب.
فيقول بعد هذا : ما هذا الذي تقولانه إلا أساطير الأولين وأباطيلهم! انظر يا رعاك الله : الوالدان يحبان أولادهما حبا غريزيا ، وهما ينصحانهم بما هو خير لهم ، وقد نصحوا بالإيمان الكامل ، ولكن إذا كان الابن غير موفق لم يرع لهما حرمة ، ولم يقدس لهما رأيا ، ولهذا لا تأس يا محمد على كفر من كفر من قومك.
أولئك ـ والإشارة للتحقير ـ الذين حقت عليهم كلمة ربك بالعذاب وهي (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) حالة كونهم في عداد أمم قد مضت من قبلهم من الجن والإنس ، لأنهم كانوا خاسرين.
ولكل من الفريقين : فريق المؤمنين ، وفريق الكافرين ، درجات معلومة بسبب أعمالهم التي عملوها ، فريق في الجنة له درجات عليا ، وفريق في السعير له دركات