المفردات :
(غَيْرِ آسِنٍ) : غير متغير الرائحة لطول مكثه ، وهو من أسن الماء يأسن إذا تغيرت رائحته. (لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) أى : لذيذة لهم ليس فيها ما يسوؤهم. (مُصَفًّى) أى : خال من الشمع والقذى. (حَمِيماً) : ماء حارا شديد الغليان. (أَمْعاءَهُمْ) : جمع معى وهي ما ينتقل إليه الطعام بعد المعدة ، وينتهى به إلى الشرج ـ فتحة الدبر ـ
المعنى :
وهذا بيان الحال فريقى المؤمنين والكافرين في الآخرة مع توضيح الجنة وما بها ، والنار وما فيها ، بعد بيان حالهما في الاهتداء والضلال ؛ صفة الجنة التي وعد المتقون بها ، صفاتها الغريبة التي تشبه المثل ما تسمعون : فيها أنهار من ماء غير آسن ، أى : غير متغير الطعم والريح واللون لطول المكث بل ماؤها عذب فرات ، من شربه لا يظمأ أبدا ، وفيها أنهار من لبن صابح لم يتغير طعمه بحموضة كلبن الدنيا ، وفيها أنهار من خمر لذيذة لكل من يشربها (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) خمر الجنة ليس فيها حموضة ولا غضاضة ، ولا مرارة ، وليس في شربها ذهاب للعقل ، ولا ضياع للمال ، ولا صداع في الرأس بل هي خمر ليس فيها إلا اللذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، عسل خال من الشوائب والقذى حتى الشمع الذي يكون معه.
وانظر إلى تعبير القرآن عن بعض الأصناف التي في الجنة وعن كثرتها بأنها أنهار ، وصدق الله : ولكم فيها ما تدعون.
وللمتقين في الجنة المعدة لهم من كل الثمرات أشهاها وأحسنها ، ولهم فيها مغفرة من ربهم ورضوان منه أكبر من كل ذلك ، وذلك هو الفوز العظيم. أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله فرآه حسنا؟! أم من هو في هذا النعيم وتلك الجنة وما فيها كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم؟! لا يستويان بحال!!
يا ويل من هو في النار؟ ويلاقي عذاب الجبار ، ويسقى ماء حميما شديد الغليان إلى درجة أنه يقطع الأمعاء حتى تنزل مع الطعام ، انظر إلى هذا الماء الذي يعطى لهم بدل الأنهار من الماء الزلال ، واللبن الصابح والخمر اللذيذة والعسل المصفى أين هذا من ذاك؟!