المعنى :
ومن الناس الذين حقت عليهم كلمة ربك ، وصاروا من أصحاب النار قوم يستمعون إليك بآذانهم ، حتى إذا خرجوا من عندك ، وانتهى مجلسهم معك ، قالوا للذين أوتوا العلم والفهم الصحيح : ماذا قال آنفا؟ ماذا قال في تلك الساعة القريبة؟ لم يقل شيئا يعتد به ، وما قال إلا أخلاطا وأحاديث لا خير فيها.
أولئك هم الذين طبع الله على قلوبهم حتى لا يفقهوا شيئا مما قلت ، وختم عليها حتى لا يدخلها نورك الوضاح ، فهؤلاء تركوا اتباع الحق فأمات الله قلوبهم فلم تفهم ولم تعقل فعند ذلك اتبعوا أهواءهم.
ويقابل هؤلاء ـ والإشارة للتحقير والتوغل في الضلال ـ الذين اهتدوا إلى طريق الحق ، وزادهم الله ـ عزوجل ـ هدى بالتوفيق والإلهام والعمل الصالح ، وآتاهم تقواهم بأن خلق فيهم قدرة على التقوى وفعل الطاعة جازاهم على ذلك.
فهؤلاء الذين طبع الله على قلوبهم فلم يسمعوا الخير ولم يهتدوا به ، هل ينظرون إلا أن تأتيهم الساعة فجأة ، على معنى : هؤلاء لم يتذكروا بأحوال الأمم الخالية ، ولم يتعظوا بما ينزل عليهم من أنباء الساعة وأهوالها. فهم ما ينتظرون إلا إتيان الساعة نفسها بغتة. فقد جاء أشراطها وعلاماتها ، وإذا كان الأمر كذلك فكيف لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة؟ ومن أين لهم التذكر والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة بغتة؟!
إذا علمت ذلك فاثبت على ما أنت عليه ، ودم على العلم بوحدانية الله والإيمان بالبعث ، واعلم أنه لا إله إلا الله ، فإن ذلك هو النافع المنجى يوم لا ينفع مال ولا بنون.
واستغفر لذنبك ، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والله يعلم تقلبكم في الدنيا وتصرفكم فيها ، ويعلم مكان استقراركم في الآخرة ، وسيثيبكم على ذلك كله فإنه لا تخفى عليه خافية.
أما أمر النبي بالاستغفار فقيل : لتستن به أمته وتقتدى به ؛ فإذا كان هو مأمورا بالاستغفار وهو المعصوم فكيف بنا نحن؟