أنكم الأعلون ، فجهادكم في سبيل الله ستثابون عليه ثوابا جزيلا ، وحربهم في سبيل الشيطان سيلقون به عذابا شديدا ، وأنتم الأعلون ؛ فمقصدكم إعلاء كلمة الله وإحباط كيد الشيطان ، والله معكم بالنصر والتأييد ، والمعونة والمثوبة ، ومن كان معه الله فلا يضره شيء بعد هذا ، وكفاكم شرفا وفخرا وتأييدا أن الله معكم ، ولن ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا ، ولا تنسوا أن قتلاكم شهداء في الجنة ، وقتلاهم في سعير جهنم.
واعلموا أن الدنيا لعب ولهو ، وزينة وتفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد ، وهذا كله باطل إلا ما كان منها في عبادة الله ـ عزوجل ـ وطاعته ، وإذا كان الأمر كذلك فيجب ألا تشغلكم الدنيا عن الآخرة والفوز بلذائذها الفاخرة ، فالآخرة خير وبقي ؛ وإن تؤمنوا وتتقوا أيها الناس يؤتكم أجوركم ، ولا يسألكم أموالكم كلها : إنما يسألكم قليلا من المال هو في الواقع تحصين لكم ولمالكم ، وإنما أنتم في الواقع خلفاء لله في ماله ، فأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ، إن يسألكموها فيحفكم ويبالغ في طلبها كلها تبخلوا ولا تقرضوه قرضا حسنا تثابون عليه ، ويخرج هذا أضغانكم وحبكم للمال ، إذ كراهيتكم للإنفاق كراهية طبيعة.
ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله ، فمنكم من يبخل ، ومن يبخل فإنما بخله وعاقبته على نفسه وحده ، والله الغنى عن إنفاقكم ، وإنما سبحانه قد ربط أسباب النجاح والفلاح بالإنفاق والجهاد في سبيل الله والله الغنى وأنتم الفقراء إليه.
وإن تتولوا وتعرضوا يستبدل قوما غيركم ، ثم لا يكونوا أمثالكم ، بل يكونوا طائعين مؤمنين عاملين.