بيده تحت الشجرة ـ شجرة الطلح ـ فبايعناه ، غير جد بن قيس الأنصارى اختبأ تحت بطن بعيره ، بايعناه على ألا نفر ولم نبايعه على الموت ، وفي رواية : بايعناه على الموت ، فلما علمت قريش بأمر المبايعة خافوا وأرسلوا سهيل بن عمرو لعقد الصلح الذي سمى (صلح الحديبية) ، وكتب علىّ ـ رضى الله عنه ـ : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال سهيل بن عمرو : فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم ، ولكن اكتب ما نعرف : باسمك اللهم ، فكتب ، وكتب بعدها : هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال سهيل : لو نعلم أنك رسول الله لا تبعناك ولما قاتلناك. ولكن اكتب اسمك واسم أبيك ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «امحه» فما استطاع أن يمحوه ، فطلب النبي من علىّ أن يريه هذا. فمحاه النبي بنفسه ، وهكذا نرى اندفاع قريش نحو جاهليتهم وحميتهم في حين أن النبي كانت تنزل عليه من ربه السكينة والطمأنينة وقد ألزمه كلمة التقوى ، وكان النبي وصحبه أحق بها وأهلها ، وكان هذا الصلح الذي لم يرض عنه بعض الصحابة فتحا مبينا ، ونصرا عظيما للدعوة الإسلامية ، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
المعنى :
لقد رضى الله عن المؤمنين الراسخين في الإيمان الكاملين في الإخلاص ، حيث فعل معهم فعل الراضي عنهم ، بما جعل لهم من الفتح المبين والتوفيق السديد ، وما قدر لهم من الثواب الجزيل ، لقد رضى الله عن المؤمنين جميعا الذين بايعوك إلا جد بن قيس الأنصارى فقد كان منافقا ولم يبايع ، وفهم من ذلك أنه لم يرض عن الكفار حيث خذلهم في الدنيا ، وأعد لهم سوء المصير في الآخرة ، ولأجل هذا الرضا سميت تلك البيعة بيعة الرضوان.
لقد رضى الله عن المؤمنين إذ بايعوك تحت الشجرة ، شأن الواثق بنفسه المطمئن لنصرة الله له ، فعلم الله ما استقر في قلوبهم من الإيمان والإخلاص والصدق في مبايعتهم ، فأنزل السكينة عليهم ، وأثابهم فتحا قريبا هو فتح خيبر ، وقد كان نزول هذه الآيات عند منصرف النبي صلىاللهعليهوسلم هو وصحبه من الحديبية ، أى : قبل فتح خيبر ، فيكون هذا وعدا من الله وقد تحقق ، وأثابهم مغانم كثيرة يأخذونها فقد كانت قرية خيبر غنية بالزروع والثمار ، وكان سكانها من اليهود على جانب من الثراء ، وانظر إلى ختام الآية