المفردات :
(كَبائِرَ الْإِثْمِ) : جمع كبيرة ، وهي كل ذنب توعد الله صاحبه بالعذاب الشديد ، أو ذم فاعله ذما كثيرا ، وقيل غير ذلك. (وَالْفَواحِشَ) : جمع فاحشة ، وهي الذنب الذي جعل الله في عقوبته الحد كالزنا مثلا ، وقيل غير ذلك مما هو قريب منه. (إِلَّا اللَّمَمَ) وأصل اللمم : ما قل وصغر ، وعليه ألم بالمكان : قل لبثه فيه ، والمراد باللمم هنا : صغائر الذنوب التي تفعل بلا مداومة عليها. (أَجِنَّةٌ) : جمع جنين وهو الولد ما دام في بطن أمه ؛ سمى بذلك لاجتنانه ، أى : استتاره.
المعنى :
المحسنون الذين لهم المثوبة الحسنى هم الذين يجتنبون كبائر الإثم ، ويجتنبون الفواحش والمنكرات التي ينكرها العقل ويأباها الدين ، من الموبقات والمهلكات التي ورد من الشرع تحذير شديد على اجتنابها ، أو توعد صاحبها بالحد أو بالعقاب الشديد ، وقد اختلف العلماء في عد المنكرات والفواحش ، وذكرت في السنة بطرق مختلفة ، وعلى العموم فالشرك بالله ، والقتل إلا بحق الإسلام ، والزنى والربا وعقوق الوالدين ، وشهادة الزور ، والافتراء على الله من الكبائر ، وهكذا كل معصية ذنبها كبير وجرمها خطير.
الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ، وهو صغائر الذنوب التي تعمل بلا قصد ولا مداومة ، أما إذا داومت على الذنب الصغير أصبح كبيرا فقد قيل : لا صغيرة مع الإصرار ، ولا كبيرة مع الندم والاستغفار.
وهذا اللمم ذنب بلا شك ، خففه الندم وعدم معاودته ، عند ذلك تدخل المغفرة والرحمة ، وربك واسع المغفرة كثير الرحمة ، وهو أعلم بنا ـ نحن بنى الإنسان ـ وقد خلقنا ضعافا أمام الدنيا ومغرياتها ، وقد خلقنا فهو أعلم بنا ، وقد أنشأنا من الأرض ، وهو أعلم بنا إذ نحن أجنة في بطون الأمهات ، بل وذرات في أصلاب الآباء ، وفي عالم الذر ، وإذا كان الأمر كذلك فلا تزكوا أنفسكم أبدا ، هو أعلم بمن اتقى ، فرب من يظن نفسه قد عمل صالحا يكون عمله مشوبا بالرياء أو السمعة أو الغرض الدنيوي فيبوء بالفشل والندامة ، والله أعلم بمن اتقى حقا.