بين آل ثمود ، وبين الناقة ، لها يوم ولهم يوم (لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) روى ابن عباس : كان يوم شربهم لا تشرب الناقة شيئا من الماء ، وتسقيهم لبنا.
وإذا كان يوم الناقة شربت الماء كله فلم تبق لهم شيئا ، ونبئهم يا صالح : أن الماء مقسوم بينهم : لها يوم ، ولهم يوم ، كل شرب ونصيب محتضر ، أى : يحضره صاحبه في نوبته لا يتعداه كما روى عن ابن عباس.
ولكن ثمود ملوا هذه القسمة ، وطغوا وبغوا ، وعزموا على عقر الناقة فنادوا صاحبهم الجريء في الباطل ، قيل : اسمه قدار بن سالف ، فتعاطى هذا الفعل الشنيع واجترأ على قتل الناقة فعقرها ، فاستحقوا غضب العزيز الجبار ، فانظر كيف كان عذابهم وإنذارهم؟ إن ربك أرسل عليهم صيحة واحدة من جبريل ، فصاروا بسببها كالشجر الجاف الذي يجمعه صاحب الغنم ليعمل حظيرة تمنع عن غنمه عوائد البرد والسباع.
ولقد يسرنا القرآن للذكرى والموعظة ، فهل من متذكر أو متعظ بما حل بغيره؟
وأما قوم لوط فقد كذبوا بالنذر وعصوا أخاهم لوطا ، وارتكبوا من الفواحش أحقرها ـ كما عرفنا سابقا عنهم ـ ولذا أرسل الله عليهم ريحا حاصبا أهلكتهم وأبادتهم جميعا إلا آل لوط الذين آمنوا به فقد نجاهم ربك بسحر ، فعل بهم ذلك إنعاما من عند الغنى الحكيم ، مثل ذلك يجزى ربك من شكر ، ويعذب من كفر ، ولا غرابة في ذلك فلقد أنذرهم لوط بطشتنا وشدتنا ، فجادلوه وكذبوا بالنذر ، ولقد راودوه عن ضيوفه ، وما علموا أنهم من الملائكة وأنهم جاءوا لتنفيذ الوعيد بهم فطمس الله عيونهم ، وقال لهم على لسان الملائكة : ذوقوا عذابي ونذر ، ولقد نزل بهم العذاب في الصباح الباكر ، فذاقوا عذاب البطش الشديد ونذره ، ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر؟!
ولقد جاء آل فرعون النذر الكثيرة والآيات المادية التسع ، ولكنهم كذبوا بالآيات كلها ، فأخذهم ربك أخذ عزيز مقتدر حيث أغرق فرعون وجنده ، ونجى موسى ومن آمن معه ، وكذلك ينجى ربك المؤمنين ، ويعذب الكفار المكذبين فهل من مدكر؟!