لا يزول. (ماءٍ مَسْكُوبٍ) : جار لا ينقطع ، وأصل السكب : الصب. (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) المراد : نساء مرتفعات الأقدار. (أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) : خلقناهن خلقا وأبدعناهن إبداعا. (عُرُباً) : جمع عروب ، وهن النساء المتحببات إلى أزواجهن بإظهار المحبة لهم.
وهذا هو الصنف الثاني ، المتوسط في المرتبة ، وهو يشمل عصاة المؤمنين بعد أخذهم جزاء المعصية أو العفو عنهم.
المعنى :
وأصحاب اليمين ، ما أصحاب اليمين؟! وهذا أسلوب يدل على التفخيم لشأنهم ، والتعجب من حالهم (١) هم في سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود ، أى : منبسط دائم ، لا يزول بشمس ، فهو كظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس وماء مسكوب منساب لا ينقطع ، يجرى بين أيديهم ، وفاكهة كثيرة ، ليست مقطوعة ولا ممنوعة في أى وقت ، وما أروع هذا البيان! وما أرقه حيث وصف السابقين بأقصى ما يتصور لأهل المدن من كونهم على سرر مصفوفة ، تطوف عليهم خدامهم بأنواع الملاذ ، ووصف هنا جزاء أصحاب اليمين بأقصى ما يتصور لأهل البوادي ، وبأغلى شيء عندهم ، من نزولهم في أماكن مخصبة ، بين الماء المنسكب المتدفق الذي لا ينقطع ، والشجر الكثيف ، والظلال الوارفة والثمار الكثيرة فإن وصفها بالنظام يشير إلى الكثرة والجودة ، والفرق بين الصنفين كالفرق بين عيشة البوادي والحواضر.
لهم هذا كله ، وهم في فراش مرفوع على الأسرة ، وقيل : إن هذا كناية عن النساء المرتفعات الأقدار والمنازل ، إنا أنشأناهن ، أى : النساء إنشاء وأبدعناهن إبداعا على أتم صورة ، وأكمل وضع ، فجعلناهن أبكارا لا ثيبات ، وكن عربا متحببات إلى أزواجهن ، أترابا ، أى : مستويات في سن واحدة فليست الواحدة منهن عجوزا شمطاء ، ولا طفلة بلهاء بل هن المستويات الكاملات في باب النساء أنشأهن ربك
__________________
١ ـ وجملة الاستفهام خبر عن أصحاب اليمين.