المفردات :
(انْظُرُونا) أى : انتظرونا ، وفي قراءة : أنظرونا ، أى : أمهلونا ، أو انتظرونا.
(نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) : نستضيء بنوركم. (بِسُورٍ) : هو حائط بين الجنة والنار.
(بَلى) : نعم. (فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) : امتحنتموها بالنفاق واستعملتموها في الفتنة.
(الْأَمانِيُ) : طول الأمل وامتداد الأجل. (فِدْيَةٌ) : ما يفتدى به. (مَوْلاكُمْ) أى : أولى بكم.
المعنى :
اذكر يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا ، والحال أن نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون لهم : انظرونا لعلنا نقتبس من نوركم ، ونستضيء به ، وذلك أنه روى أنه يعطى المؤمنون النور يوم القيامة على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط المستقيم ، ويستضيء المنافقون بنورهم ولا يعطون النور ، فبينما هم يمشون على نورهم ـ كما كانوا يسيرون ظاهرا معهم في الدنيا ـ إذ يبعث الله فيهم ريحا وظلمة فيطفئ بذلك نور المنافقين ، ويقول المؤمنون : (رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) (١) خوف أن يسلبوا النور كما سلب من المنافقين ، فإذا بقي المنافقون في الظلمة لا يبصرون مواقع أقدامهم قالوا للمؤمنين : انتظرونا نقتبس من نوركم. (قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً) والقائل هم الملائكة أو المؤمنون ، فلما رجعوا وانصرفوا يطلبون النور ضرب بينهم وبين المؤمنين بسور ضخم باطنه فيه الرحمة لأنه جهة الجنة التي فيها المؤمنون ، وظاهره أى : جانبه مما يلي المنافقين من قبله العذاب.
ينادى المنافقون المؤمنين قائلين : ألم نكن معكم نصلى ونصوم ونحارب معكم؟ قالوا : بلى! ولكنكم فتنتم أنفسكم وامتحنتموها بالنفاق واستعملتموها في الفتنة وغركم بالله الغرور. فحقّا السعيد من لا يغتر بالطمع ولا يركن إلى الخداع ، ومن ذكر المنية وهولها نسى الأمنية وما حولها ، ومن أطال الأمل ، قصر في العمل ، بل غفل عن الأجل وجاء الغرور بالباطل ، وقانا الله شره.
__________________
١ ـ سورة التحريم آية ٨.