صارت قاسية لا تلين. (الشُّهَداءُ) : جمع شهيد ، والمراد به من قتل في سبيل الله ، والملائكة تشهد له بالجنة.
المعنى :
أما آن للمؤمنين أن تخشع قلوبهم ، أى : تلين عند الذكر وسماع القرآن فتفهمه وتنقاد له وتطيعه! أما آن لطائفة من المؤمنين ـ وهم الذين فترت قلوبهم نوعا ما عن الخشوع ـ أن تخشع قلوبهم ، وتقبل على امتثال أمر الله بأرواح مطمئنة ، ونفوس راضية مرضية ، لأجل تذكيرهم بالله ، ولأجل استماعهم لوعظ القرآن!!
روى عن ابن عباس أنه قال : إن الله تعالى استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن فقال سبحانه : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا ...) الآية.
(وَلا يَكُونُوا (١) كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ) نهى الله المؤمنين أن يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبلهم كاليهود والنصارى ، فطال عليهم الزمن. وجرفتهم حوادث الأيام فطغت عليهم حتى قست قلوبهم وصارت كالحجارة أو أشد قسوة ، وبعدوا بذلك عن الدين الحق فكتبوا كتبا نسبوها لله ، والواقع أنها لهم ، هذه الكتب فيها شيء من الحق ، وكثير من الباطل ، فكان منهم لهذا قليل من المؤمنين لم يغيروا ولم يحرفوا ، وكثير منهم فاسقون.
فيا أيها المسلمون : لا تكونوا كهؤلاء ، وقد كان المسلمون كذلك ـ حافظوا على القرآن ، ولم يغيروا فيه ، ولم يبدلوا ، ولقد صدق الله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ، والحمد لله كان للأزهر نصيب كبير في المحافظة على عقائد المسلمين ألا ترى إلى عقائد كثير من المسلمين في إيران والعراق وغيرهما ، وإن كان الأزهر الآن ، يجحد فضله الكثير من المصريين ، ولا يعرف فضله حقيقة إلا في غير مصر.
أيها المسلمون : لقد عاتب الله المؤمنين في العصر الأول بهذه الآية ، ونحن نعرف للرعيل الأول كله على العموم فضله وسبقه وحسن إيمانه ، وكمال إسلامه فما بالنا نحن
__________________
١ ـ لا الناهية والواو عاطفة للفعل المنفي بلا على تخشع ، ولذا نصب ، ويصح أن تكون لا ناهية والفعل مجزوم بها وصحح هذا قراءة : ولا تكونوا بالتاء.