منى ، اللهم إنى أشكو إليك! فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية. فحقّا : إن الله سميع بصير بخلقه.
هذه الفعلة التي هي عملية الظهار ـ قول الرجل لزوجه : أنت علىّ كظهر أمى ـ فتصبح محرمة عليه ، ولا تعود إلا إذا كفّر كما سيأتى ـ هذه الفعلة ما حكمها؟.
الواقع أن الظهار ممقوت شرعا ، وهو قول منكر وزور ، إذا أمك هي التي ولدتك وزوجك هي زوجك فلا يصح أن تجعل زوجك محرمة عليك كأمك أبدا.
أبعد أن يقول الله : إن الظهار منكر من القول وزور وبهتان ، وإنه لعفو غفور عما فرط؟ هل يشك عاقل في أن الظهار أمر محرم شرعا ولا يصح فعله؟
(وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ ...) وهذا تفصيل لحكم الظهار ، وبيان لحكمه الخاص بعد بيان حكمه العام الذي يفيد أنه منكر وزور.
والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لقولهم ، أى : فيه ، فعليهم كفارة شديدة والعود في الظهار لأنه مطلق في الآية اختلف فيه أئمة الفقه الإسلامى ؛ فالعود عند الشافعى يحصل بإمساك الزوجة المظاهر منها زمانا بعد الظهار يمكنه مفارقتها فيه ولم يفعل ، فيعتبر عائدا في ظهاره ، أى : أنه ظاهر ولم يتبعه بطلاق فيكون عائدا ، وعند الأحناف يحصل باستباحته الاستمتاع بها مطلقا ، وعند مالك يحصل بالعزم على الجماع وعند بعضهم بالجماع نفسه ، والآية تحتمل كل هذا ، ولم تخصص السنة الصحيحة شيئا.
هذه الكفارة الواجبة على الزوج المظاهر العائد في ظهاره هي : عتق رقبة مؤمنة سليمة من كل عيب ، هذا العتق يكون قبل أن يتماس الزوجان بالوطء ، فلا يقرب المظاهر من امرأته ولا يباشرها ولا يتلذذ بها بشيء حتى يكفر ، خلافا لمن يقول : المحرم الوطء فقط ، فإن وطئها قبل التكفير استغفر الله وأمسك حتى يكفر كفارة واحدة فقط وإن وطئها مرارا ، ذلك ـ والإشارة إلى هذه الكفارة المشددة ـ تؤمرون به ، وتزجرون عن ارتكاب مثل هذا المنكر ، فليس هذا الحكم المشدد لتكتسبوا ثوابا ، بل هو للردع والزجر عن ارتكاب ما يسببه الظهار ؛ فمن لم يجد الرقبة ليعتقها فعليه صيام شهرين متتابعين فإن أفطر فيهما لعذر قيل : لا ينقطع التتابع ، وقيل : ينقطع ، أما إفطاره