فتركوها ترتكب الآثام والأباطيل ، أولئك ـ والإشارة لبعدهم في الغواية والبهتان ـ حزب الشيطان وجماعته المتجمعون على الإثم والعدوان ، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ، وأى خسارة بعد هذا؟
إن الذين يحادون الله ورسوله (١) بمخالفة أمره ، واتباع الشيطان أولئك في عداد الأذلين ، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. وما سبب ذلك! الجواب : كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ، أى : قدر وأراد إرادة مؤكدة كأنه أقسم عليها ، ولذا جاء الجواب باللام المؤكدة في قوله : لأغلبن أنا ورسلي (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (٢) ولا غرابة إن ربك لقوى قادر عزيز غالب.
لا تجد قوما يؤمنون بالله ورسوله حقا إيمانا كاملا ، يوادون من حاد الله ورسوله بقلوبهم مخلصين ، والغرض من هذا الأسلوب بيان أنه لا ينبغي أن يجتمع في قلب واحد إيمان كامل مع موادة الكفار. وحقه أن يمتنع ، ولا يوجد بحال وهذه مبالغة في النهى عنه والزجر عن سلوك طريقه ؛ والمنهي عنه الإخلاص القلبي للكافر ، ولو كان أبا أو ابنا أو أخا أو من العشيرة ، وقد كان الصحابة لا يفضلون على حب الله ورسوله شيئا ، بل بعضهم قتل وصفع وأهان بعض أقاربه في سبيل الله أولئك الممتثلون أمر الله ؛ الذين يرون حلاوة الإيمان في حب الله ورسوله. وهم بالطبع لا يوادون أعداء الله وأعداء الإسلام والقرآن ؛ أولئك كتب الله في قلوبهم الإيمان وثبته ، وأيدهم بروح من عنده ؛ وأنار قلوبهم للحق فاعتنقوه ، وسيدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، رضى الله عنهم ، ورضوا عنه ؛ أولئك حزب الرحمن المختصون بالقرآن ؛ ألا إن حزب الله هم المفلحون وحدهم ؛ وأى فلاح بعد ذلك؟!!
__________________
١ ـ جملة استئنافية مسوقة لتعليل خسرانهم
٢ ـ سورة الصافات الآيتان ١٧١ و ١٧٢.