(زَعَمَ) : ظنوا ، الزعم : هو ادعاء العلم بالباطل. (بَلى) : نعم. (النُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) أى : القرآن. (لِيَوْمِ الْجَمْعِ) : هو يوم القيامة تجمع فيه الخلائق كلها. (يَوْمُ التَّغابُنِ) : هو يوم القيامة الذي يغبن فيه أهل الجنة أهل النار.
المعنى :
ألم يأتكم ـ أيها الكفار ـ خبر من كان قبلكم من قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ، هؤلاء كفروا فذاقوا وبال أمرهم ، وكان عاقبة كفرهم خسرا عليهم في الدنيا ، ولهم في الآخرة عذاب أليم لا يقادر قدره. ذلك العذاب الذي ذاقوه في الدنيا ، وسيذوقونه في الآخرة بسبب أنه كانت تأتيهم رسلهم بالآيات المبينات والمعجزات الظاهرات ، فكانوا يكفرون عنادا وكبرا ، ويقولون ـ أى : تقول كل أمة منهم ـ : أبشر يهدينا؟! منكرين أن يكون الرسول بشرا ولو ظهرت في يديه المعجزات (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ؟) فكأن الكل قالوا : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) (١)؟ فكفروا ، وأعرضوا عن الآيات ، واستغنى الله عنهم حيث أهلكهم بعذاب من عنده ، ولو لا غناه عنهم لهداهم إلى الإيمان ووفقهم إليه ، والله هو الغنى عن خلقه فضلا عن طاعتهم وإيمانهم ، المحمود في السماء والأرض بلسان الحال لا بلسان المقال.
زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا. ظنوا هذا بلا دليل وحجة ، وادعوا العلم على ذلك بلا برهان ، ولا شك أنه زعم باطل ، قل لهم يا محمد : بلى. وربي لتبعثن يوم القيامة ثم لتنبؤن بما عملتم ، ولتجزون على ذلك ، وذلك كله على الله يسير ، فإنه على كل شيء قدير.
وإذا كان الأمر كذلك فآمنوا بالله ورسوله ، وآمنوا بالنور الذي أنزلنا. وهو القرآن الذي أنزل رحمة للعالمين ، ونبراسا للناس أجمعين يهديهم إلى الصراط المستقيم. ويقودهم إلى سعادة الدنيا والآخرة ، فهو بلا شك نور رب العالمين ، والله بما تعملون خبير.
__________________
(١) البشر هنا اسم جنس فوصف بالجمع ، على أنه مبتدأ ويهدوننا خبر ، وقيل : هو منصوب على الاشتغال.