الإسلام ، ثم انتهى الأمر إلى أن أخذوا بمبدأ الإسلام في الطلاق والزواج. (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) (١) والله ـ جل جلاله ـ يهددنا إن تركنا أحكام القرآن بأنه سيغضب علينا ويذيقنا سوء العذاب في الدنيا والآخرة جزاء إهمال أحكام الإسلام ، وقد كان ذلك.
المعنى :
كثير (٢) من القرى ـ والمراد أصحاب كل قرية ـ عتت عن أمر ربها ، وأعرضت عنه ، وأهملته وخرجت عن أمر رسولها ، ولم تمتثل له فكان الجزاء أنها حوسبت على أعمالها حسابا شديدا على ذلك ، وعذبت عذابا منكرا في الدنيا والآخرة ، فهي قد ذاقت وبال أمرها وعاقبته ، وكانت عاقبة أمرها خسارة هائلة. أعد الله لها عذابا شديدا بعد ذلك في الآخرة غير ما مضى ، ألست معى في أن من يترك أحكام الله ، ويهمل أمر الدين يكون جزاؤه العذاب في الدنيا والآخرة؟!
وإذا كان الأمر كذلك فاتقوا الله يا أصحاب العقول الراجحة ـ أعنى بهم الذين آمنوا بالله ورسوله ـ وكأن سائلا سأل وقال : لم هذا؟ فكان الجواب : قد أنزل الله إليكم أيها الناس ذكرا لكم هو القرآن ، وأرسل رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ، تبين لكم كل شيء وتهديكم إلى كل خير ، وقد بينها لكم ؛ ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ، والمراد بهم من أراد الله لهم هذا ، وسبق في علمه أنهم من أهل الجنة.
ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله ربك جنات تجرى من تحتها الأنهار ، وقد أحسن الله له رزقا فيها ، ووسع له في جنات النعيم.
ولا غرابة في ذلك كله فهي تشريعات الحكيم الخبير بكل شيء ، فاحذروا مخالفة أمره
__________________
(١) سورة فصلت آية ٥٣.
(٢) في هذا إشارة إلى أن (كأين) بمعنى كم الخبرية وهي تفيد التكثير ، وأعربت مبتدأ و (من قرية) تمييز ، و (عتت) خبر لها.