وسيصادفك ـ وكل من يدعو بدعوتك إلى يوم الدين ـ ما تكره من أذى الناس والعلاج في ذلك هو الصبر ـ إنه سلاح المؤمن وعدة المسلم ـ والهجر الجميل ؛ وانظر إلى علاج القرآن حيث جعل دعامته الصبر والسلوان والهجر الجميل.
أما المكذبون المغرورون أولو النعمة والترف فالله يقول فيهم : ذرني والمكذبين أولى النعمة والترف وأمهلهم قليلا فإن للكون سنة لا تختلف ، إن عاقبة هؤلاء المكذبين المغرورين سيئة ، والله يمهل قليلا ولا يهمل. هذا في الدنيا أما في الآخرة فالله يقول : إن لدينا أنكالا وقيودا ثقالا ، وجحيما أعدت لهم وطعاما ذا غصة وهو طعام الزقوم ، الطعام البشع الكريه التي تغص منه النفوس ، وبعد هذا كله فهناك عذاب أليم لهم للغاية.
اذكر يوم ترجف الأرض وتضطرب وتتزلزل الجبال وتتحرك حتى تكون تلّا من الرمل كثيبا مهيلا ، وليس هذا الاضطراب في الأرض فقط بل فيها وفي السماء (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ* وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (١) ، (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) (٢).
ولقد أخذ القرآن يهددهم بما حل بغيرهم وكانوا أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فقال : إنا أرسلنا إلى فرعون رسولا هو موسى ، فعصى فرعون وقومه رسولهم فأخذهم ربك أخذ عزيز مقتدر. حيث أغرقهم ونجى موسى ومن معه.
إذا كان الأمر كذلك فكيف تتقون ـ إن دمتم على كفركم ـ يوما شديد الهول : يوما يجعل الولدان من شدة أهواله شيبا ، والسماء في هذا اليوم تنفطر وتتشقق بعد أن كانت آية في الإحكام والدقة (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) (٣) كل ذلك كان وعده مفعولا.
إن هذه الإرشادات والتوجيهات التي سيقت في تلك الآيات تذكرة وعظة ، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا هو الإيمان والتمسك بالقرآن ، وتعود الصبر والسلوان ...
__________________
١ ـ سورة التكوير الآيتان ١ و ٢.
٢ ـ سورة الانشقاق الآية الأولى
٣ ـ سورة الملك آية ٣.