إن ربك يعلم أنك قمت وامتثلت أمر ربك أنت وطائفة من قومك. قمتم أدنى من ثلثى الليل ، وقمتم نصفه ، وثلثه ، وكان معك صحبك ، والمراد بالعلم أن الله سيجازيك على ذلك أحسن الجزاء.
والله وحده هو الذي يقدر الليل والنهار ، وهو الذي يعلم المصلحة ، وقد علم أن المدة السابقة كافية للتربية الإسلامية ، وقد جاء معكم ناس لا يستطيعون ذلك العمل ، فالله علم أنكم كجماعة لن تطيقوا قيام الليل على سبيل الواجب ، أما كأفراد فمنكم من يقدر وأكثركم لا يقدر ، والأحكام الشرعية تبنى على الأعم الأغلب.
فالله قد رجع عليكم بالتيسير والتخفيف منذ أن رجعتم إليه بالشكوى والدعاء ، فاقرأوا ما تيسر من القرآن في قيام الليل أو في الصلاة في ساعة من ساعات الليل. علم الله أن الحال والشأن سيكون منكم مرضى ضعاف ، لا يستطيعون قيام الليل ، وآخرون منكم مسافرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله بالتجارة والسعى على تحصيل الرزق من طريق الحلال ، وآخرون يقاتلون في سبيل الله ، هؤلاء وهؤلاء لا يستطيعون قيام الليل ، فالله خفف عنكم فاقرأوا ما تيسر منه ، وأقيموا الصلاة كاملة الأركان مستوفاة الشروط ، وآتوا الزكاة ، أى : الزكاة الواجبة بناء على أن هذه الآية نزلت بالمدينة أو هي زكاة الفطر ، أو مطلق إنفاق على أن السورة مكية ، وأقرضوا الله قرضا حسنا فالله غنى قادر سيجازيكم على الدرهم عشرا بل ربما ضاعفه إلى سبعمائة ضعف ، فأقرضوه يكن خيرا لكم وأفضل ، وما تقدموا لأنفسكم من خير مطلقا تجدوا ثوابه عند الله كاملا ، وتجدوه عند الله هو خيرا مطلقا من العمل مهما كان صعبا ، وأعظم أجرا ، واستغفروا الله على ما فرط منكم فإن من أمراض القلوب الرياء وحب السمعة ، وكثيرا ما كان ذلك في الصدقة ، فاستغفروا الله مما يكون قد حصل ؛ إن الله غفور رحيم.