وهذه بعض سيئات الفجار لأنهم فجار ، ولذلك أخرها إلى هنا بعد بيان جزاء الفريقين في الآخرة .. إن الذين أجرموا واعتادوا فعل الشنيع من الأعمال كانوا يضحكون من الذين آمنوا ، ويستهزئون بهم ، وإذا مروا بهم يتغامزون ، ويشيرون إليهم استهزاء بهم ، وإذا انقلبوا إلى أهلهم بعد هذا انقلبوا فكهين مسرورين ، لأنهم آذوا المسلمين واستهزءوا بهم ، وكانوا إذا رأوهم قالوا : إن هؤلاء المؤمنين لقوم ضالون عن الطريق السوى طريق آبائهم وأجدادهم ، وهل أرسل أولئك الفجار حافظين وشاهدين على المسلمين؟ لا ، إنهم ما أرسلوا عليهم حافظين.
ولكن أيترك ربك عباده وأولياءه بدون جزاء؟ إنه جازى كلا على عمله فجازى الكفار بجهنم وسعيرها ، وجازى المؤمنين بالجنة ونعيمها ، فاليوم الذي فيه المؤمنون ينعمون بجنة الخلد ، والكفار يصلون فيه بنار الجحيم : في هذا اليوم يضحك المؤمنون من الكفار لا ضحك الجاهل المغرور بل ضحك الموفق المسرور ، ضحك من وصل إلى نتيجة عمله بعد طول المشقة ، وبعد المسافة ضحك من انكشف له الحق فسر له لأنه حق ، وهم على الأرائك ينظرون صنع الله وفعله المحكم الدقيق.
هل جوزي الكفار على أعمالهم؟ نعم ، هل جوزي المسلمون على أفعالهم؟ نعم وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.