أصحاب الأخدود جماعة من الكفار كانوا في القديم ، ويروى أنهم من أمراء اليمن أو زعماء اليهود ، وقد غاظهم إيمان المؤمنين المعاصرين لهم ، وشق عليهم ذلك ، فانتقموا منهم انتقاما شديدا ، وشقوا لهم أخدودا في الأرض ، أضرموا فيه النيران ذات الوقود الشديد اللهب والدخان وألقوا فيها كل ما يضرمها ويؤججها ثم جاءوا بالمؤمنين وألقوهم في النار ذات الوقود!! وقد كانوا قساة القلوب غلاظ الأكباد ، فجلسوا يضحكون فرحين بإلقاء المؤمنين في النار ، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين من كبائر الإثم وفظائع الجرم شهود وحضور! وما فعل هؤلاء المؤمنون حتى يلقوا في النار؟ لم يفعلوا شيئا أبدا ، وما نقموا ، ولا عابوا عليهم إلا أنهم آمنوا بالله العزيز الحميد! يا سبحان الله ما كان سببا في السعادة والخير ، يكون سببا في القتل والإحراق والتعذيب بالنيران! ولكن تلك طبيعة البشر قديما وحديثا ، وهذا صراع الحق والباطل ، وتلك هي البوتقة التي يصهر فيها الإيمان ويصفى.
هؤلاء المؤمنون آمنوا بالله العزيز الذي لا يعجزه شيء ، الحميد في السموات والأرض ، وإن كفر به بعض خلقه ، الذي له ملك السموات والأرض ، وهو على كل شيء شهيد ، فهل يترك المؤمنين نهبا للكفار والمشركين يفعلون معهم الأباطيل ويذيقونهم العذاب ألوانا؟! لن يكون هذا أبدا.
إن الذين فتنوا المؤمنين بالتعذيب ثم لم يتوبوا ـ فإن من يفعل ذلك لن يتوب ـ فلهم عذاب جهنم ، ولهم عذاب الحريق ، والله من ورائهم محيط ، وهو على كل شيء قدير ، أما المؤمنون العاملون فلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار ، وذلك هو الفوز العظيم ، ولا عجب في هذا كله فربك بطشه بالكفار شديد ، وهو القادر على كل شيء الذي يبدئ الخلق ثم يعيد ، وهو الغفور لمن تاب الودود لمن أطاع ، صاحب الملك والسلطان بيده الأمر وهو الفعال لما يريد.
وهذه أمثلة أخرى تؤكد أن العاقبة للصابرين ، وأن الله مع المؤمنين ، فاحذروا يا آل مكة تلك العاقبة ، وهذه النتيجة ، واحذروا أيها الطغاة الظالمون نتيجة أعمالكم!
هل بلغك قصص أولئك الجنود ، أصحاب القوة والبأس الشديد ، مثل فرعون وجنوده وقبيلة عاد وثمود ، وكانوا أكثر منكم أموالا وأولادا ، فلما كذبوا بالرسل