جمع تريبة ، وهي عظام الصدر التي يوضع عليها القلادة. (تُبْلَى السَّرائِرُ) المراد : تظهر السرائر وتعلم المكنونات. (ذاتِ الرَّجْعِ) : ذات الماء أو المطر.
(الصَّدْعِ) : هو الشق ، وقيل : هو النبات الذي يصدع الأرض ، أى : يشقها.
(فَصْلٌ) : فارق بين الحلال والحرام. (يَكِيدُونَ كَيْداً) الكيد : المكر ، وهو إذا أسند إلى الله لا يعقل أن يكون على حقيقته وإنما يكون المقصود منه الوصول بالإنسان إلى جزاء عمله من حيث لا يشعر. (فَمَهِّلِ) : فتأن عليهم وتريث. (رُوَيْداً) : إمهالا يسيرا.
المعنى :
أقسم الحق ـ تبارك وتعالى ـ بالسماء وما فيها من أفلاك وأجرام لا يعلمها إلا هو ، وبالطارق الذي يطرق ليلا ، وهذا توجيه ولفت لأنظار الناس إلى عالم السماء وما فيها. ولكنا لم نعرف الطارق فأراد الحق أن يبينه فقال : وما أدراك ما الطارق؟ وهذا أسلوب تفخيم للطارق ، كأنه لفرط فخامته لا يحيط به وصف ، إلا ما سيذكره الله عنه ، هو النجم الثاقب الذي يثقب الظلام بشعاعه اللماع ، أقسم بالنجم لما له من أثر كبير في الهداية الحسية والمعنوية والشئون الحيوية الأخرى.
والله ـ جل شأنه ـ يقسم على أن كل نفس من النفوس عليها رقيب وحفيظ ، وليست في النفوس نفس تترك هملا بلا حساب ولا رقابة ، ومن هو الحفيظ؟ هو الله (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (١) وقيل : هو الملك الموكل بالإنسان.
فإذا كنت في شك من ذلك فلينظر الإنسان إلى نفسه وكيف خلق؟! إنه خلق من ماء دافق : ماء مصبوب ، يخرج من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وهذا الماء السائل كيف يتكون منه خلق سوى؟ وإنسان كامل في كل شيء! لا يعقل أن يكون ذلك بمحض الصدفة أو بفعل الطبيعة ، وإلا لكانت كل الخلائق سواء.
هذا الخلق بهذا الشكل ، وعلى تلك الصورة دليل على أن لكل نفس رقيبا وحفيظا يراقب ذلك كله ويدبره ، وينقله من حال إلى حال ، ولا يعقل أن تترك تلك النفوس سدى بلا ثواب أو عقاب ، الإنسان خلق من ماء دافق خارج من صلب الرجل وترائب
__________________
١ ـ سورة يوسف آية ٦٤.