وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (٢٦) يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)
المفردات :
(ابْتَلاهُ) : اختبره بما فعله معه. (وَنَعَّمَهُ) : صيره مكرما يتمتع بالنعم.
(وَلا تَحَاضُّونَ) : لا يحض بعضكم بعضا على إطعام المسكين. (التُّراثَ) : الميراث. (لَمًّا) : شديدا. (جَمًّا) : كثيرا. (دُكَّتِ الْأَرْضُ) الدك : الدق والهدم ، ومنه : اندك سنام البعير : إذا انغرس في ظهره. (وَلا يُوثِقُ) الوثاق : الشد والربط بالسلاسل والأغلال. (الْمُطْمَئِنَّةُ) : المستقرة الثابتة المتيقنة بالحق فلا يخالجها فيه شك.
المعنى :
هذا هو الرب ـ سبحانه ـ مع المخلوقين ، فإن أردت أن تعرف الإنسان : فأما إذا ما ابتلاه بالخير في الدنيا أصابه الغرور ، وقال : إن الله أكرمنى ، ومن يكرمه الله في الدنيا فلا يعذبه في الآخرة مهما فعل من المعاصي ، وإذا ما ابتلاه بأن ضيق عليه رزقه يقول : ربي أهاننى ، ويظن أن من صغرت قيمته عند ربه لم يبال به ولا بعمله فتراه قد وقع في المعاصي وانخرط مع الجبارين ، فكأن الغنى والفقر امتحان لا ينجو منه إلا قليل ، لم يبتل الله الإنسان بالغنى لكرامته عنده ، وإلا لما رأيت كثيرا من الصالحين المقربين فقراء ليس عندهم ما يكفيهم كلا : لم تكن الدنيا دليلا على هذا وذاك ، وكان العرب يظنون أنهم على شيء يرضى الله ، وكانوا يتوهمون أنهم على دين أبيهم إبراهيم الخليل فرد الله عليهم بأنهم ليسوا على شيء بدليل أنهم لا يكرمون اليتيم بل يأخذون ماله ظلما ، ولا يحسنون إليه ، ولا يحض بعضهم بعضا على إطعام المساكين ، فكرمهم للرياء والسمعة ، لا للإنسانية. وهم يأكلون الميراث أكلا بنهم وشدة ، ويحبون المال أيا كان حبا شديدا كثيرا ، أليس هذا دليلا على أن هؤلاء الكفار المغرورين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ، وأنهم ليسوا على شيء يرضى الله ولا يرضى أحدا من أنبيائه.