وأيدك ورعاك ، وقد ولد النبي يتيما إذ مات أبوه وهو في بطن أمه ، فلما ولد عطف الله قلب جده عليه فرعاه وحنا عليه حنوا كثيرا ، ثم لما مات جده عبد المطلب كفله عمه أبو طالب بأمر من جده ، وكان شديد الحرص عليه كثير العطف والحماية له.
وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم ذا روح قوية نقية طاهرة فكان يرى أن قومه على ضلال ، وأن الأديان المحيطة بهم كاليهودية ، فأصابته حيرة من أمره ، وفر من هذا المجتمع ، وحبب إليه الخلاء والمكث في الغار حتى أنقذه الله من حيرته ، وهداه إلى أسمى شريعة وأعظم دين : وهذه الحيرة التي كان فيها النبي صلىاللهعليهوسلم هي التي عبر عنها القرآن بالضلال ، وإلا فالنبي صلىاللهعليهوسلم نشأ طاهرا مطهرا لم يدنس نفسه بالسجود إلى صنم ، ولم يقترف فاحشة أبدا ، بل ذهب مرة ليستمع إلى حفل فيه غناء فنام حتى أيقظته الشمس ، وهو الملقب بالأمين ، وقد كان فقيرا ـ لم يرث عن أبيه إلا ناقة وجارية ـ فأغناه الله بالقناعة ، وجعله عزوفا عن الدنيا ، وأدر عليه بعض المال من تجارته في مال خديجة ، إذا كان الأمر كذلك وقد غمرك الله بفضله يا محمد ، فأما اليتيم فلا تقهره أبدا ، وأنت سيد الأيتام وزعيمهم ، وأما السائل فلا تنهره ، وقد كنت ضالا فهداك الله ، وأما بنعمة ربك فحدث بالإنفاق ، وقد كنت فقيرا فأغناك الله.