إنا أعطيناك الكوثر ، أى : الخير الكثير البالغ حد الإفراط ، ألم يعطك ربك النبوة والدين الحق؟ وأرسلك للناس كافة؟ وجعل دينك خاتم الأديان ، ونهاية الرسالات ، وجمع فيه بين خير الدنيا والآخرة ، وجمع فيه الحسن والكمال من كل ناحية؟ ألم يعطك القرآن والعلم والحكمة؟ ألم يعطك الفضل الكثير والخير العميم ، والهدى والنور؟ وسعادة الدنيا والآخرة لك ولأصحابك ولأمتك إلى يوم القيامة؟!
نعم أعطاك هذا كله ، ومن بينه الكوثر ـ إذا فسر بنهر في الجنة ـ وإذا كان الأمر كذلك فصل لربك وتوجه إليه وحده وتوكل عليه ولا ترج غيره ؛ فإنه نعم المولى ونعم النصير ، صل لله وانحر ذبيحتك مما هو نسك لله ، كل هذا له وحده فإنه هو الذي رباك وأعطاك وهداك ووفقك.
أما شانئوك وحاسدوك ومبغضوك فهم المقطوع أثرهم ، الذين لا يبقى لهم ذكر جميل ، وقد شبه الله الذكر الجميل بذنب الحيوان لأنه يتبعه وهو زينة له ، وشبه الحرمان من الأثر الطيب بقطع الذنب ، وقد شاع البتر في ذلك ، وبعض العلماء يفسر الصلاة بصلاة العيد ، والنحر بالأضحية فقط ، وليس هذا بسديد.