وليس في أمر النبي لزيد بالإمساك وعدم الطلاق ـ مع علمه بأنه مطلق حتما ـ شيء ، فالله يأمر الناس جميعا بالإيمان ، وقد علم أن منهم المؤمن المستجيب والكافر الذي يستحيل عليه أن يجيب ، وإنما أمره ليقطع عذره ، ويقيم عليه حجته.
ولما انقضت عدة زينب خطبها رسول الله ودخل بها بغير إذن ولا عقد ولا صداق لأن الله زوجها له من فوق سبع سموات.
(فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) ـ مواليهم ومن تبنوهم ـ (إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) وكان أمر الله في كل شيء مفعولا لا محالة إذ هو صاحب الأمر ، وإليه يرجع الأمر كله.
ما كان على النبي من حرج وليس عليه إثم ولا ضيق في كل شيء فرضه الله وسنه له وهكذا الأنبياء جميعا ، وتلك سنة الله في الذين خلوا من قبله من الأنبياء ، وكان أمر الله قدرا مقدرا من لدن الحكيم الخبير ، والعليم البصير ، هؤلاء الأنبياء هم الذين يبلغون رسالات ربهم متوكلين عليه لا يخشون أحدا غيره ، وهذا شأن المؤمن الصادق ، فما بال الأنبياء والمرسلين؟! وكفى بالله حسيبا ورقيبا ، وهو على كل شيء شهيد.
أيها الناس : ليس محمد أبا أحد من رجالكم حتى تقولوا : كيف يتزوج محمد زوجة ابنه ومولاه؟ ولكن كان رسول الله وخاتم النبيين وإمام المرسلين لا نبي بعده به ختمت الرسالات ، وإليه انتهى الوحى من السماء ، وانقطعت الأوامر الإلهية اكتفاء بالأمر الدائم والدستور المحكم الذي أنزل من لدن حكيم خبير على النبي محمد صلىاللهعليهوسلم.
وكان الله بكل شيء عليما فجعل محمدا خاتم الأنبياء ورسالته عامة شاملة كاملة فيها الخير إلى يوم القيامة.
ومن المؤسف أن تندس في كتب التفسير أقوال تنسب إلى أكابر العلماء ، والله يعلم أنهم برآء ، أو هي في الواقع سموم إسرائيلية ، وضعها من أسلم من اليهود عن حسن قصد أو عن سوئه ، ومنها ما قيل في تفسير هذه الآيات من نسبة أمور لا تليق بأى رجل عادى فضلا عن أشرف الخلق المشهود له من كافة الناس أنه رجل صادق ذو خلق. (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [سورة القلم آية ٤].
قالوا : إن محمدا رأى زينب فأحبها ثم كتم هذا الحب ، ثم لم يجد بدا من إظهاره