الثمرة من هذه الجملة أحكام :
الأول : أن الرشوة على ترك الواجب ، أو فعل المحرم محظورة.
ووجه الدلالة : أنها نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه من أحبار اليهود وذلك لأنهم كانوا أهل رياسة في قومهم فخافوا الفوات على رئاستهم باتباع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقيل : كانت عوامهم يعطون أحبارهم من الزرع والثمار ، ويهدون لهم الهدايا والرشا على تسهيل ما صعب من الشريعة ، وتحريف الكلم ، وكان ملوكهم يدرون عليهم الأموال ليكتموا أو ليحرفوا.
والمعنى : ولا تستبدلوا ، فاستعير الشراء للاستبدال ، كقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) [البقرة : ١٦] وكقول الشاعر :
فإن تزعميني كنت أجهل فيكم |
|
فإني شريت الحلم بعدك بالجهل |
وكقول الآخر :
أخذت بالجمة رأسا أزعرا |
|
وبالثنايا الواضحات الدردرا |
وبالطويل الغمر (١) غمرا حيدرا |
|
كما اشترى المسلم إذ تنصرا |
أراد بالأزعر : الأقرع ، وبالدردر : جمع الدردرا ، وهو مغرز الأسنان الساقطة مع بقاء أصولها ، والحيدر : القصير. والمعنى : هرمه بعد الشباب ، فصار حاله كحال من استبدل بالإسلام النصرانية ، وأشار بهذا إلى قصة جبلة بن الأيهم (٢) ؛ لأنه كان نصرانيا فأسلم ، وكان يوما يطوف بالكعبة فوقع عليه شخص في الطواف فلطمه جبلة فمضى ذلك إلى عمر
__________________
(١) الغمر : بالفتح الشديد ، وبالفتح : القدح الصغير ، فالأول مفتوح ، والثاني مضموم.
(٢) هو جبلة بن الأيهم بن جبلة الغساني ، من آل جفنة ، آخر ملوك الغساسنة في بادية الشام ، عاش زمنا في العصر الجاهلي ، وقاتل المسلمين في دومة الجندل ، واليرموك ، ثم أسلم وهاجر إلى المدينة ، ثم ارتد ، ومات سنة ٢٠ ه.