بن الخطاب ، فأمر أن يلطم جبلة فاستنكف جبلة من ذلك ، واستمهل إلى الغد ، وفر ليلا ، ولحق بالروم وتنصر ، ثم ندم على ما فعل ، وقال في ذلك أبياتا (١) :
تنصرت بعد الحق عارا للطمة |
|
ولم يك فيها لو صبرت لها ضرر |
فأدركني فيها لجاج حمية |
|
فبعت لها العين الصحيحة بالعور |
فياليت أمي لم تلدني وليتني |
|
صبرت على القول الذي قال لي عمر |
وهذا الذي حكي عن عمر رضي الله عنه من ثبوت القصاص في اللطمة ، هو مذهب الهادي عليهالسلام (٢) ، والليث بن سعد (٣) ، خلافا للمؤيد بالله ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وستأتي هذه المسألة.
عدنا إلى تلخيص هذا الحكم : إن قيل : هذا دليل على نهي المرتشي
__________________
(١) وبعدها :
فياليتني أرعى المخاض بقفرة |
|
وكنت أسيرا في ربيعة أو مضر |
ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة |
|
أجالس قومي ذاهب السمع والبصر |
وفي نسخة أ (الذي قاله عمر).
(٢) وهو اختيار المؤلف ، والإمام شرف الدين (ذكره في شرح الفتح).
(٣) الليث بن سعد بن عبد الرحمن المصري ، أبو الحارث ، قيل : اصله من الفرس من أهل اصبهان ، وليس بصحيح ، والمشهور أنه فهمي ، بطن من قيس غيلان في مصر ، قرية اسمها فهم ، بينها وبين القاهرة ثلاثة فراسخ ، روى عن عطاء ، ونافع وابن الزبير وخلق ، وعنه ابن عجلان ، وابن المبارك ، وابن لهيعة ، وخلق.
عن الشافعي : كان الليث أفقه من مالك ، ولكن ضيعه أصحابه ، وقال ابن بكير : هو أفقه من مالك ، والحظوة لمالك ، وما رأيت مثل الليث ، كان فقيها ، عربي اللسان ، يحسن القرآن والنحو ، والشعر ، والحديث ، وقال ابن سعد : ولد سنة ٩٤ ه وكان ثقة ، كثير الحديث ، صحيحه ، واستقل بالفتوى في زمانه بمصر ، وكان سريا سخيا ، وقال أحمد : الليث كثير العلم ، صحيح الحديث ، ما في المصريين أثبت منه ، وقال ابن معين : ثقة ، وقال ابن المديني : ثبت ، وقيل له : نسمع منك الحديث ، وليس في كتبك ، فقال : أو كلما في صدري في كتبي ، لو كتبت ما في صدري في ـ