على ذلك؟ فما الدليل على نهي الراشي على ذلك؟.
قلنا : دليله من قوله تعالى في سورة المائدة : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [المائدة : ٢] ومن السنة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لعن الله الراشي والمرتشي) (١).
إن قيل : هذا دليل على أن أخذ العوض محرم على فعل المحرم (٢) ، فما دليل التحريم على أخذه على فعل الواجب ، ولم يستبدل العوض عن واجب عليه ، بل فعل الواجب وأخذ العوض؟.
قلنا : تحريم ذلك بالسنة ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن هدايا الأمراء (٣).
فإن قيل : هذا دليل على تحريم الفعل ، فبم يحرم المال ، وقد أباحه له المالك.
قلنا : دليل ذلك قوله تعالى في سورة البقرة : (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ
__________________
ـ كتبي ما وسعه هذا المركب ، ولما قدم الليث المدينة أهدى إليه مالك تبنا في وعاء فرد فيه الف دينار ، وكانت غلة ماله في السنة ثمانين ألف دينار ، ما وجبت عليه الزكاة ، ولما احترقت كتب ابن لهيعة بعث له الليث بألف دينار ، وأطنب في جوده من ترجم له ، ذكر ذلك في الكمال ، وتذكرة الحفاظ ، ولد سنة ٩٤ ه ومات سنة ٦ ، أو سنة ١٧٧ ه وقيل : غير ذلك ، وله إحدى وثمانين سنة ، ودفن بمصر في القرافة الصغرى ، وهو مزور مشهور ، وعليه قبة عظيمة ، وهو قريب من قبر الإمام الشافعي.
(١) والرائش ، وهو السفير بينهما.
وهذا الحديث أخرجه الترمذي ٢ / ٣٩٧ برقم ١٣٥١ عن أبي هريرة ، وقال فيه : حديث حسن ورقم ١٣٥٢ عن عبد الله بن عمر ، وقال فيه : حديث حسن صحيح ، وهما بلفظ (لعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم) وبه أخرجه أبو داود ٣ / ٣٠٠ برقم ٣٥٨٠. عن عبد الله بن عمر.
(٢) هذا صحيح إذا كان على فعل محظور ، وأما على فعل واجب فلا يصح إلا لأجل كونه سببا في قبيح والله أعلم (ح ص).
(٣) فعن أبي حمد الساعدي أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : (هدايا العمال غلول) ذكره في الفتح الرباني ٩ / ٨٦ ، رقم ١٢٦.