أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) [البقرة : ٧٩] فجعل معاقبا على مكسبه من الفعل المحرم.
فإن قيل : إذا ثبت تحريم الفعل ، وتحريم العوض فما يكون حكم المال المكتسب على ذلك؟ ومن يستحقه؟.
قلنا : إن لم يصرح بالشرط فهو لبيت المال ، أخذا من حديث المصدق الذي أخذ الهدية (١) ، وطالبه بها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن حديث شاة الأسارى (٢) على تفصيل في ذلك ، وإن كان مصرحا بالشرط ، فقد قال أهل المذهب : يجب رده لمالكه (٣) ؛ لأن ذلك هو الأصل ، فلا يخرج الملك إلا بدليل.
__________________
(١) عن أبي حميد الساعدي قال : استعمل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رجلا من الأزد ، يقال له : ابن اللتبية على صدقة ، فجاء فقال : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على المنبر ، فقال : ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا يأتي أحد منكم منها بشيء إلا جاء يوم القيامة على رقبته إن كان بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تبعر ، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة يديه ، ثم قال : اللهم هل بلغت ثلاثا ، وزاد هشام بن عروة : قال أبو حميد : سمع هذا أذني ، وأبصر عيني ، وسلوا زيد بن ثابت) أخرجه أحمد.
(٢) وهو ما رواه أحمد وأبو داود ، والدارقطني ، عن عاصم بن كليب عن أبيه أن رجلا من الأنصار أخبره ، قال : خرجنا مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلما رجع استقبله داعي امرأة ، فجاء وجىء بالطعام ، فوضع يده ، ثم وضع القوم ، فأكلوا فنظرنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يلوك لقمة في فمه ، ثم قال : أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها ، فقالت المرأة يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشترى لي شاة فلم أجد ، فأرسلت إلى جار لي قد اشتى شاة أن أرسل بها الي بثمنها فلم يوجد ، فأرسلت إلى امرأته فأرسلت الي بها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أطعميها الأسارى ، ورواية في الموطأ ، والطبراني ، والنسائي أخصر من هذه.
(٣) قال الإمام المهدي في مختصره : (فيصير كالغصب إلا في الأربعة ، إن عقدا ، ولو على مباح حيلة ، وإلا لزم التصدق). ح ص.