وقد قال أهل الفقه : إذا اختلت صلاة الإمام ، وأراد أن يستخلف لم يستقبلهم بوجهه لئلا يوقعهم في مكروه ، وهو استقبال وجه الصورة ؛ لأنه قد نهي عنه ، وقالوا أيضا : إذا عرف الإمام أن العسكر يخونون في الغنيمة استحب أن يقول : من أخذ شيئا فهو له ، لئلا يقعوا في محظور.
ومنها : أن الواجب يصح ، ولو فعله الإنسان مع الكراهة لمعنى من المعاني الشاقة (١) ، ذكره الحاكم (٢) ؛ لقوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) قال : يعني لما في ذلك من المشاق من كثرة الثمن وغيره (٣).
ومنها : حسن القيام بحق الوالدين ، والولد ؛ لأن القصة «أنه كان في بني إسرائيل شيخ صالح ، له عجلة بثلاثة دنانير ، وكان بارا بوالديه ، فأتى بهذه العجلة الغيضة ، وقال : اللهم إني استودعتكها لابني حتى يكبر ، فشبت العجلة ، وكانت من أحسن البقر وأسمنها ، فاشتروها بعد المساومة من اليتيم وأمه بملء مسكها ذهبا ، وقيل : بوزنها عشر مرات ، ولم توجد البقرة الموصوفة إلا مع هذا اليتيم ، وكانوا يطلبونها أربعين سنة.
ومنها : ثبوت الردع عن المعاصي ، وإن كتمت فهذه خمسة عشر حكما.
__________________
(١) لعله يريد البقرة التي لا تدخل تحت التكليف ، فقد يطلق عليها لفظ الكراهة توسعا ، أو يريد كراهة المشقة لا الفعل. (ح / ص).
(٢) قال الحاكم في التهذيب : (وتدل على أن امتثال الأمر يقع موقعه ، وإن وقع من المكلف بكره ، لأنه قد ينكره للمشقة ، ويصح فعله).
(٣) قال الحاكم في تفسيره (أي قبل الذبح كادوا لا يذبحون ، قيل : لغلاء ثمنها ، عن محمد بن كعب ، وقيل : لقلة وجود مثلها ، وقيل : لخوف الفضيحة ، عن وهب والأصم ، وقيل : لهما ، وهذا لا يصح لأن موسى لم يخبرهم أنه يريد ذبح البقرة لإحياء الميت حتى الجئوا ، وكل ذلك كان خطأ منهم ، لأن الواجب المبادرة الى امر الله وإن لم يتمكن من ذلك إلا بالمال الكثير ، والتعب الشديد ، لأن وجوب الشيء يقتضي وجوب ما لا يتم ذلك الواجب إلا به).