وأما الكفيل فلا إشكال فيما يصح بذله (١) كالأموال ، وأما كون الحاكم ، والإمام يطلبان كفيلا بأن فلانا لا يغصب فلانا ، ولا يعترضه ، فهذا لا تدل عليه الآية (٢) ، وثبوته من جهة القياس فيه نظر ؛ لأنه لا يصح مطالبة الكفيل بأمر من ذلك (٣) ، بخلاف الكفالة بالمال والنفس.
وقد أخذ من هذه الآية : ثبوت هذه الأمور المذكورة ، من الإخلاص لله تعالى في العبادة ، وثبوت حقوق الوالدين ، ويدخل فيه النفقة ، ولا فرق في ذلك بين كونهما مسلمين ، أو كافرين بالإجماع.
والآية تدل على الإحسان جملة ، وكيفيته وتفصيله موقوف على الدليل.
واختلف المفسرون في قوله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً).
قيل : أراد به الصدق ، فلا تحرفوا صفته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا مروي عن ابن عباس ، ومقاتل ، وسعيد بن جبير ، وابن جريج (٤).
__________________
(١) في نسخة (بدله).
(٢) وسيأتى البحث في ذلك في آخر الممتحنة.
(٣) في الغيث (تنبيه) أما لو طلب إنسان كفيلا من ظالم [أي : يكفل على الظالم بعدم الاعتراض] في ماله ، فذلك غير لازم ، ولا يصح ، وقد يحتاط بعض القضاة ، وفي الكافي عن أبي حنيفة في نظير ذلك أنه ظلم.
(٤) ابن جريج هو : عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، بضم الجيم وفتح الراء مصغرا ، وآخره جيم الأموي ، مولاهم أبو الوليد ، ويقال : أبو خالد أحد العلماء الأثبات ، وجهابذة الحديث والفقه ، ويقال : هو أول من صنف ، روى عن عطاء وغيره ، ونقل عنه الهادي في المنتخب في باب الأوقات ، بواسطة عبد الرزاق وكان ثقة ثبتا حافظا ، ليس فيه مقال ، وهو أقدم شيخ لمحمد بن منصور المرادي ، وروى له سائر الأئمة توفي سنة ١٥٠ ه ـ خمسين ومائة ، وقد نيف على التسعين ، وأصله من الروم ، ثم سكن مكة. (الجنداري).