__________________
ـ إلى زحل ، ومن أراد غرقا أو حرقا تقرب إلى المريخ ، ونحو ذلك ، ويزعمون أن عند ذلك تفعل الكواكب ما شاؤا من قلب الأعيان ، وتقليب الصور ، ونحوها ، فتجعل الإنسان كلبا ، وتقطع مسافة بعيدة في مدة قريبة ، فيعتقدون في الكواكب أنها تقدر على قلب الأعيان والصور والنفع والضرر ، وهذا فاسد ، لأنها جماد ، ولأنها محدثة ، قد ثبت حدوثها ، ولأنها جسم ، وكل ذلك يدل على أنها لا تقدر على هذه الأشياء. ومنها ـ سحر آل فرعون ، فإنهم بالحيل يخيلون ما ليس بحي أنه حي ، كما قال تعالى (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) ومن هذا القبيل ، من يدعي أنه يذبح عصفورا ، ثم يحييه ، ويخرق ثوبا ثم يصححه ، وهذا نوع من خفة اليد والشعبذة. ومنها ـ ما يدعيه بعضهم بالتوصل إلى الأمور بالنميمة والتضريب ، وأصناف الكلام. ومنها ـ ما يتوصل الى تمريض واماتة بالأدوية والأطعمة لا يطعمه ، أو يبخر بها فيصل الدخان الى دماغه كالسموم أو نحوها ، وقد أجرى الله تعالى العادة بإحداث امور عند اطعامه ، وأدوية من مرض وصحة ، وإماتة ، وذلك فعله تعالى فعل الساحر ، وجميع ما يدعون مخاريق وتمويهات ، ولا يقدرون على شيء من ذلك ولو قدروا لأبطلوا أمر النبيين ، ولقتلوا المؤمنين مع شدة عداوتهم لهم. فأما ما ترويه الحشوية أن امرأة أتت عائشة ، وقالت : إني ساحرة ، فهل لي من توبة؟ فقالت : وما سحرك؟ قالت : صرت الى بابل هاروت وماروت أطلب السحر ، فقا : يا أمة الله لا تختاري عذاب الله ، اتقي الله ، فأبيت فقالا : اذهبي فبولي على ذلك الرماد ، فذهبت وعدت ، ولما أفعل ، وقلت : فعلت ، فقال : فهل رأيت شيئا؟ قلت : لا ، قالا : أنت على رأس امرك لم تفعلي شيئا ، اتقي الله ، فأبيت حتى فعلت مرتين ثم بلت في الثالثة ، على الرماد فرأئت فارسا مقنعا في حديد خرج من فرجي ، فعدت اليهما فأخبرتهما بما رأيت ، فقالا : ذلك إيمانك ، وقد تعلمت السحر ، وما تريدين شيئا كان ، فصورت في نفسي حبا من حنطة ، فإذا أنا به فقلت ليزرع فخرج من ساعته سنبلة ، فقلت : تطحن وتخبز ، فصار خبرا ، فكنت لا أريد شيئا إلا كان ، فقالت عائشة رضي الله عنها : ليست لك توبة. ورووا أكثر من هذا ، فقالوا : سحر النبي فمرض ، وقالوا ـ وقال ـ إنه ليخيل الي أن أقول الشيء وأفعله ، ولم أقله ولم أفعله ، وهذا كله أباطيل وترهات ، لا تجوز على الله ، ولا على رسوله ، لأنه يبطل المعجزات بل يبطل الطريق الى اثبات الصانع ، إذ لو جاز ذلك لجاز أن يقال : إن ساحرا خلق السموات والأرض ، وهذا كفر ممن ـ