وأما اعتقاد النحس في الأيام والنفع ، فقد قال المنصور بالله : «من اعتقد أن لذلك تأثيرا كفر ، ولم عمل بذلك ولم يعتقد أثم».
ويتعلق بالساحر ثلاثة أحكام ، غير ما ذكر : الأول : أنه إذا أظهر أنه قتل بسحره فعند الشافعي أنه يقتل بذلك قصاصا ، وأن له حقيقة.
__________________
ـ يجوزه. فأما حديث بنات لبيد بن أعصم ، فيجوز أن يكونوا اعتقدوا السحر حقيقة ، فأطلع الله تعالى نبيه عليه ، حتى يعلموا أنه ليس بشي. وتدل على معجزة له. فأما الرابع ـ فالذي هو كفر وجهان ـ الأول تجويز الإختراع والتصوير وعلم الغيب وما يقدر عليه إلا الله تعالى ، لأنه يبطل الطريق الى اثبات الصانع. والثاني تجويز ما جرى مجرى المعجزات ، لأن معه لا يتمكن من معرفة النبؤات ، وما عدا هذين ففسق يوجب التعزير ، وليس بكفر ، فمثال الأول ـ أن يجوز من أحدهم تغيير الصور ، وأخذ الدراهم من الهواء ونحوها ، ولا فرق بين أن يجوز فعله من الساحر ، أومن النجوم ، أومن الجن ، فإن جميع ذلك كفر. ومثال الثاني ـ أن يجوز أن يطير بغير جناح ، ويقطع المسافة البعيدة في مدة قريبة ، ومن هذا القبيل سحر آل فرعون ، وذلك كفر لما ذكرنا. ومثال الثالث ـ ما هو من جنس التضريب والنميمة ، وسقي الأدوية والسموم لأن ذلك يؤدي الى ابطال الفضل ، ولا يقدح في معجزة ، وقد نبه الله تعالى على الوجهين حيث أشار في بعضه الى أنه كفر ، وفي بعضه الى أنه ضرر وتفريق بين الزوجين. فأما الفصل الخامس : فكل سحر هو كفر ففيه القتل لأن حكمه حكم المرتد ، وما ليس بكفر فهو فسق ، وفيه التعزير ، فإن قيل : فقد روي عن الصحابة ما يدل على أن كل سحر كفر ، وأن كل ساحر يقتل؟ قلنا : أما اكفارهم لكل ساحر فلا يقتل فيه ، وإنما فيه التعزير والحبس على ما يراه الإمام. وأما الفصل السادس : فقيل : إنه يقتل ، ولا يستتاب ، ولا تقبل توبته ، لأن مع كفره جمع السعي في الأرض بالفساد ، إلا أن تكون توبته قبل القدرة ، فتقبل كحكم الساعي في الأرض بالفساد ، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم ، وقيل : لا تقبل توبته أصلا ، ويقتل بمنزلة الزنديق ، لأن كفره يثبت سرا ، ولا يوثق بتوبته ، وهذا قول مالك ، وذكر الشيخ ابو بكر رحمهالله عن مالك أن ساحر اهل الكتاب لا يقتل إلا أن يضر بالمسلمين ، فيقتل لنقض العهد ، وقيل : تختلف حاله ، فإن كان سحره كفرا فهو كالمرتد ، وإن كان احتيالا فهو كالجاني ، فإن قتل بجنايته أجري عليه أحكام القتل من قود أودية ، وهذا قول الشافعي ، ومن أصحابه من يقول : للسحر حقيقة ، فلا بد أن يحمل على التفصيل الذي ذكرناه.