وقال شريح القاضي : «وددت أن لي لحية بعشرة آلاف ، وكان أصرم».
وعن أصحاب الأحنف بن قيس : وددنا أن نشتري للأحنف لحية بعشرين ألفا.
قال في شرح الإبانة : وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «سبحانه الذي زين الوجوه (١) باللحى ، والنساء بالذوائب» ، وقال الشاعر :
لحية المرء زينة فإذا كا |
|
ن لسان له يعبر عنها |
سر أهل الوداد وانقمع ال |
|
حاسد خوفا من اللسان ومنها |
ولأجل عظم موقعها تعلق بها أفعال محمودة ، وأفعال مذمومة ، فالمحمودة : المشط ، والتسريح ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا يفارقه المشط في سفر ولا حضر» وكان يسرح لحيته في اليوم مرتين.
ويستحب للأئمة ، والعلماء ، والكبراء ، تسويتها عند الخروج إلى المجامع ، والإطلاع على ذلك في مرآة أو سيف.
وعن عائشة : اجتمع بباب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قوم فرأيته يطلع في الجب ليسوي لحيته ورأسه ، والجب : الجرة الضخمة.
وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يفعل ذلك ليعظم في نفس من أمره الله تعالى بدعائهم.
وقد قيل : إنه يجب على كل عالم يتصدى بالدعاء إلى الله أن يبعد عما ينفر الخلق منه ، والاعتماد في هذا على النيات.
ويجوز تغيير الشيب ، وتركه على حاله أفضل ، وعن بعض الحكماء : الشيب واعظ نصيح ، ومجادل فصيح ، وقال بعضهم : الشيب للعاقل بشير ، وللجاهل نذير ، وقد فسر قوله تعالى : (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) [فاطر : ٣٧] أنه الشيب.
__________________
(١) نسخة (الرجال باللحى).