قال الإمام : والشعر النابت في الحلق ليس من اللحية ، فلا بأس بإزالته ، وإذا طالت اللحية ، فأخذ ما زاد على القبضة فلا بأس به عند الأكثر ، وقد فعله ابن عمر ، وجماعة من التابعين ، وقال باستحبابه الشعبي ، وابن سيرين (١) ، والنخعي ، وكره ذلك الحسن البصري (٢) ، وقتادة ، والمختار : أنها إن تفاحشت في الطول حتى بلغت السرة فالمستحب قصرها على الحد المتعارف في الأكثر ؛ لئلا يعرض نفسه للمقت ، والسخرية ، ويكره الزيادة فيها ، من تطويل الشعر النابت في الصدغين. واللحية زينة الرجال.
وعن بعض المفسرين في قوله تعالى : (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) [فاطر : ١] أنها اللحى وفي الحديث : «إن لله تعالى ملائكة إذا حلفوا قالوا : والذي زين بني آدم باللحى».
__________________
(١) أبو بكر محمد بن سيرين البصري الإمام ، كان أبوه عبدا لأنس ، فكاتبه ، روى محمد عن أبي هريرة وابن عمر ، وابن الزبير ، وعمران بن حصين ، وغيرهم ، وعنه قتادة ، وأيوب ، وخالد الحذاء ، وهو أجل الفقهاء في البصرة ، قال الذهبي : عليكم بابن سيرين ، وكانت له اليد الطولى في تفسير الرؤيا ، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان ، وتوفي تاسع شوال سنة ١١٠ ه بالبصرة ، بعد الحسن البصري بمائة يوم ، ولما مات أنس بن مالك رضي الله عنه أوصى أن يصلي عليه ابن سيرين ، ويغسله ، وكان محبوسا فاستأذنوا ، فخرج فغسله وصلى عليه ، ورجع السجن ، ولم يصل إلى أهله.
(٢) الحسن البصري هو : الحسن بن أبي الحسن البصري ، واسم أبيه سيار ، علامة التابعين ، ورأس الطبقة الثالثة ، قال الذهبي : الحسن سيد التابعين في زمانه بالبصرة ، كان ثقة حجة ، عظيم القدر ، حدث عن أنس ، وأبي برزة ، وابن عمر ، واختلف في أخذه عن علي عليهالسلام ، ففي أمالي أبي طالب أنه روى عنه ، وأنكره بعضهم ، وروى عنه عالم من الناس ، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر ، وقدم البصرة بعد مقتل عثمان ، فكان يعظ الناس ، فإذا وعظ تغلقت البصرة ، وهو أحد المفسرين ، ومرسلاته ضعيفة عند أهل الحديث ، توفي سنة ١١٦ ه ، وله ثمان وثمانون سنة.