واختلف أهل التفسير في المراد بمقام إبراهيم عليهالسلام ، فقال عطاء : مقام إبراهيم : عرفة ، والمزدلفة ، والجمار ؛ لأنه قام في هذه المواضع ، ودعا فيها ، وعن النخعي : الحرم كله ، وقيل : هو الحجر الذي فيه أثر قدميه ، وذلك لأن زوجته أم إسماعيل (١) عليهالسلام وضعت الحجر تحت قدميه حتى غسلت رأسه ، فغابت رجلاه في الحجر ، فجعل الله ذلك من شعائر الحج ، وهذا مروي عن الحسن ، وقتادة ، والسدي ، والربيع ، وأبي علي ، وصححه الحاكم ؛ لأنه المفهوم من اللفظ عند إطلاقه من حيث أن المقام موضع القيام ، ولأن حديث عمر الذي هو السبب في نزول الآية يدل عليه ؛ لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ بيد عمر ، فقال : (هذا مقام إبراهيم) فقال عمر : أفلا نتخذه مصلى؟ يريد أفلا نؤثرة لفضله بالصلاة فيه تبركا به؟ فقال : (لم أؤمر بذلك) فلم تغب الشمس حتى نزلت.
وعن عمر : وافقت ربي في ثلاث : قلت : لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى ، فنزلت : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) وقلت : لو حجبت أمهات المؤمنين فنزلت آية الحجاب ، وقلت : لو حرمت الخمر ، فنزلت آية التحريم.
واختلفوا في قوله : (مُصَلًّى) فعن مجاهد (مُصَلًّى) أي : مدعى ، وقيل : قبلة عن الحسن ، وأبي علي ، وقال قتادة ، والسدي ، وصححه الحاكم : أراد الصلاة التي تفعل عقيب الطواف ، وهما الركعتان ، وهل هما واجبتان؟ أم سنة؟ الذي حكى القاضي زيد لمذهب القاسم ، والهادي ، والناصر ، والمؤيد بالله ، وأبي حنيفة ، والمنصور بالله ، وأحد قولي الشافعي : أنهما واجبتان ، والذي خرجه أبو جعفر للقاسم ، والهادي ، والناصر أنهما سنة ، من حيث أنهما لا تصليان في أوقات الكراهة ، فأشبهتا النوافل.
__________________
(١) الصواب : زوجة إسماعيل