وعند القاسم ، وهو الذي حصله أبو العباس ليحي عليهالسلام ، وهو أصحاب أبي حنيفة : أن النجاسة تعلق بالسافح ؛ لأن المطلق يحمل على المقيد ، وقد ورد مقيدا بالسافح ، في قوله تعالى في سورة الأنعام : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) [الأنعام : ١٤٥] ولخبر علي عليهالسلام قال : «خرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد تطهر للصلاة ، فأمس إبهامه أنفه ، فإذا دم ، فأعاد مرة أخرى فلم ير شيئا ، وجف ما في إبهامه فأهوى بيده إلى الأرض فمسحها ، ولم يحدث وضؤا ، ومضى إلى الصلاة».
ومذهب جمهور الأصوليين أنه يحمل المطلق على المقيد ، فيقيد ذكر الدم مطلقا بذكر السافح ، ومنهم من يقول : يقضى بالمطلق ؛ لأن فيه زيادة.
وأما دم الكلب ، والخنزير ، والميتة ، وما يخرج من السبيلين مما لا يؤكل ، والكافر فالقليل نجس ، ولا يخص من العموم ؛ لأنه قد حكم بنجاسة جملة الكلب ، والخنزير ، والميتة بدليل ، والدم جزء من هذه الجملة ، ثم إن السافح المحكوم بنجاسته قدر بالقطرة ؛ لأنه ينطلق عليه اسم السافح ، على تخريج السادة للمذهب.
وأبو حنيفة قدّره بقدر الدرهم ؛ قياسا على ما استقر عنده من العفو لما يعلق بحلقة الدّبر.
الفرع الثاني
هل ذلك عام في دم الحيوانات كلها ، أو يخص بعضها ، وفي ذلك مذهبان :
الأول : أنه عام لشمول الاسم وعمومه ، وهذا قول الناصر ، والمؤيد بالله ، والشافعي ، فيدخل في هذا دم السمك والبق.