وثمرة هذه الآية تظهر في بيان المعنى :
فقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) قد عرف معناه الشرعي : أي : فرض عليكم ،
وقوله تعالى : (كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) واختلف في وجه التشبيه في قوله تعالى : (كَما) وفي المراد بمن شبه بهم ، ففي الكشاف في معنى الآية : أن الصوم عبادة أصلية قديمة ، ما أخلى الله أمة من افتراضها ، والمعنى : لم يفرض عليكم وحدكم ، بل كتب على الأنبياء والأمم من وقت آدم إلى عهودكم.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه : «أولهم آدم» فجعل التشبيه في أيجاب الصوم ، والإشارة إلى الأنبياء قبله ، وقيل : التشبيه في عدد الأيام ، وهي أيام رمضان ، كما كتب على أهل الانجيل ، قيل : فرض عليهم رمضان ، وكان وقوعه في البرد الشديد ، والحر الشديد ، فشق عليهم في أسفارهم ومعاشهم ، فجعلوه بين الشتاء والربيع ، وزادوا عشرين يوما كفارة لتحويله عن وقته ، وأنه الأيام المعدودات ، وقيل : أراد بالمعدودات : عاشوراء ، وثلاثة أيام في كل شهر ، فإنها كتبت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين هاجر ، ثم نسخت بشهر رمضان.
وقيل : التشبيه في صفة الصوم ؛ لأنه كان من العتمة إلى العتمة ، ولا يحل بعد النوم أكل ولا شرب ، ولا نكاح ، والمشار إليهم النصارى ، وقيل : أهل الكتاب جملة ، فكان المسلمون في صدر الإسلام إذا صلوا العشاء ، أو ناموا حرم عليهم الفطر ، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى في سورة البقرة : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ) الآية ، وسيأتي سبب نزولها ، فعلى الوجهين الأولين لا نسخ في الآية ، وعلى القولين الآخرين : فيها النسخ ، إما في أيام الصوم ، وإما في صفة الصوم.