ومذهبنا والحنفية أن صوم عاشوراء كان واجبا ثم نسخ ، وقال الشافعي : لم يكن واجبا.
حجتنا ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (صوم عاشوراء نسخ بصوم رمضان) والنسخ إنما يتناول الوجوب دون جوز الصوم.
وقد دلت الآية على وجوب الصوم جملة ، أو على وجوب صوم رمضان إن فسرت الأيام المعدودات به ، وهو مروي عن ابن عباس ، والحسن ، وأبي علي وأبي مسلم ، وعليه أكثر المفسرين ، قال القاضي : وهو الأولى ؛ لأن حمله على ما لا نسخ فيه أولى من حمله على المنسوخ.
وقيل : إنه تعالى أوجب الصوم أولا ، ولم يبين عدده ، هل يوم أو يومان ، أو أكثر ، ثم بين أنه أيام ولم يعينها ، ثم عينها بقوله : (شَهْرُ رَمَضانَ) [البقرة : ١٨٥].
وقوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي : بالمحافظة على صوم هذه الأيام تكونون أتقياء ، ويكون ذلك لطفا في ترك المعاصي ، وإنما كان الصوم لطفا ؛ لأنه يكسر الشهوات ، ولذلك ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (خصاء أمتي الصوم).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الصوم جنة» وقيل : لأنه إذا جاع وعطش ذكر جوع الآخرة ، وعطشها وحاجة أهل النار ـ نعوذ بالله العظيم منها ـ إلى ذلك حتى قالوا : (أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) [الأعراف : ٥٠].
وقيل : المعنى لعلكم تنتظمون في زمرة المتقين ؛ لأن الصوم شعارهم ، أو لما كان الصائم أردع لنفسه من المعاصي ، ولهذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «[يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع] (١) فعليه بالصوم فإن الصوم له وجاء».
__________________
(١) ما بين القوسين ثابت في ب ، وساقط في أ.