التفسير ، ورواه في النهاية عن مالك أنه لا يشترط في السفر حصول مضرة ، بل مجرد السفر.
وأما في المرض فلا بد أن يخشى مضرة من زيادة علة أو حدوثها (١).
إن قيل : لم خرجوا عن دلالة اللفظ في المرض لا في السفر؟ ولم فرقوا بين الأخذ من دلالة المعنى في المرض لا في السفر؟ لأن المعنى المعقول من إجازة الفطر في السفر والمرض إنما هو لدفع المشقة (٢) ، ولهذا قال تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة : ١٨٥] ففهم من دلالة المعنى أن المبيح للفطر خشية العسر.
[قال سيدنا رحمهالله] (٣) : لم أجد الجواب صريحا ، ولعله يقال ـ والله أعلم ـ : إنما فرقنا ورجحنا في لفظ السفر دلالة اللفظ على دلالة المعنى لوجهين :
الأول : أن ذلك كالإجماع ، ولم يرو فيه الخلاف إلا عن الأصم.
الوجه الثاني : أنه قد ورد في ذلك أخبار ظاهرها يفيد جواز الفطر للمسافر من غير اعتبار مضرة ، منها قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن الله وضع عن المسافر
__________________
(١) أو استمرارها ، أو بطؤ برئها.
(٢) العلة وهي المشقة غير منضبطة فنيط الحكم بمظنتها ، وهو السفر ، ولا كذلك المرض لتفاوته فنيط الحكم بالمشقة نفسها ، وهي خوف زيادة العلة ، أو حدوثها ، وفيه تأمل. وقد يقال : الحكم منوط بالمظنة فيهما ، وهي المرض والسفر ، والخلاف إنما وقع في الألم اليسير كوجع الاصبع هل يسمى مرضا أو لا؟ فمن يسميه مرضا يترخص ، ومن لا فلا ، والله أعلم.
وهذا كالخلاف في مقدار السفر حيث قيل : بالبريد ، وبالثلاثة الأيام ، وبالأربعة البرد ، وكالخلاف في ابتداء الترخص ، فإنه مبني على أنه هل يسمى مسافرا حال خروجه من عمران البلد ، أو من ميلها.
(٣) ما بين القوسين ثابت في أ ، وساقط في ب.