وقال الشافعي : أربعة برد ، وقال داود : في قليل السفر وكثيره.
إن قيل : الآية تتناول كل سفر ، كقول داود ، فلم خرجتم عن ذلك؟
قلنا : خرج ذلك بوجهين : الأول : أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن يقصر إذا سافر إلى قباء ، وهو فرسخ ، روى ذلك أنس (١) ، والقصر والإفطار قد سوي بينهما في قدر السفر.
الثاني : أن الإجماع قد انعقد على خلاف قول داود ، وقد ورد قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تسافر المرأة بريدا إلا ومعها زوج أو ذو رحم محرم» رواه أبو هريرة ، فجعل صلىاللهعليهوآلهوسلم البريد سفرا ، فهذا توجيه كلام الهادي عليهالسلام.
وحجة زيد ، ومن معه ما ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم).
قال القاضي زيد : وقد وافقوا في فعل النافلة على الراحلة في السفر القصير ، وكذا جوزت الحنفية التيمم لعدم الماء في السفر القصير.
الحكم الثالث : في سفر المعصية هل يبيح الفطر أم لا؟ قلنا : مذهب القاسم ، والهادي ، والحنفية : أنه مبيح للفطر ؛ لأن الآية لم تفصل ، وقال الناصر : والشافعي : لا يجوز فعل الرخص إذا كان سببها معصية ؛ لأن ذلك يكون إعانة على المعصية ، ولقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) [البقرة : ١٧٣] فعلق الإباحة بأن لا يكون باغيا ، ولا عاديا ، وقد تقدم الاختلاف في تفسير الآية بأن المراد «باغيا» في التلذذ ، أو على الإمام.
قالوا : يحمل على الجميع ، وقوله تعالى في سورة المائدة : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) [المائدة : ٣] و «غير» منتصب على
__________________
(١) في ب (روي ذلك عن أنس).