أعتذر إلى الله تعالى ، وآليت من نفسي هذه الخاطئة ، وأخبره بما فعل ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما كنت جديرا بذلك يا عمر» فقام رجال فاعترفوا بما كانوا يصنعون بعد العشاء ، فنزلت.
ولما نزل قوله تعالى : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) قال عدي بن حاتم (١) لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إني أجعل تحت وسادتي عقالين ، عقالا أبيض ، وعقالا أسود ، وأعرف الليل من النهار ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن وسادك لعريض» هكذا في مسلم ، وفي البخاري.
وقيل : لما أصبح غدا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره ، فضحك وقال : «إنك لعريض القفا ، إنما ذلك بياض النهار ، وسواد الليل ، وهذه غفلة ، ولهذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنك لعريض القفا» وذلك مما يستدل به على بلاهة الرجل ، أنشد بدوي :
عريض القفا ميزانه في شماله |
|
قد انحص من حسب القراريط شاربه |
قال في البخاري : عن سهل بن سعد : نزلت : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) ولم ينزل : (مِنَ الْفَجْرِ) فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض ، والخيط
__________________
(١) عدي بن حاتم هو : عدي بن حاتم بن عبيد الله بن سعد القحطاني الطائي ، الجواد بن الجواد ، كان مجوسيا ، ولما سمع بخيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وطئت أطراف بلادهم فر فلحق بالروم ، وترك اخته ، فسبيت مع كثير من قومها ، ولما وصلت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قالت : يا محمد إني ابنت أسرة قومي ، كان أبي يفك العاني ، ويطعم الجائع ، أنا ابنة حاتم الطائي ، فمن عليها ومن معها ، فكتبت إلى عدي تلومه ، فوصل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأكرمه ، وفرح بإسلامه ، وكان إسلامه سنة ٩ ، وشهد مع علي عليهالسلام حروبه ، وفقئت عينه يوم الجمل ، وقتل ابنه ، وكان إذا ركب تخط رجلاه في الأرض ، وتوفي رضي الله عنه تقريبا سنة ٨٨ ه عن مائة وعشرين سنة ، ويكنى أبا طريف رحمهالله.