الأسود ، ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله تعالى : (مِنَ الْفَجْرِ) فعلموا أنه يعني الليل والنهار (١).
قال الزمخشري : من لم يجوز تأخير البيان ، وهم أكثر الفقهاء والمتكلمين ، وهو مذهب أبي علي ، وأبي هاشم ـ لم يصح لهم هذا الحديث (٢).
ومن جوز تأخير البيان ، فيقول : المخاطب يستفيد العزم على فعله إذا استوضح فلا يجعله عبثا.
ونزل قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَ) الآية حين كان ناس من الصحابة يعتكفون في المسجد ، فإذا عرضت لأحدهم حاجة إلى أهله خرج وجامعها ، ثم اغتسل وعاد إلى المسجد ، فنهوا عن ذلك ، ونزلت الآية ، عن ابن عباس ، وقتادة ، ومقاتل.
الثمرات المجتناة من هذه الجملة ، وهي مسائل :
الأولى : حل الجماع في جميع الليل ، وكذلك سائر المفطرات التي كانت محرمة بعد النوم ، أو بعد العشاء في أول الإسلام عند أكثر المفسرين ، وورد ذلك في سبب نزول الآية.
وأما أبو مسلم فقال : التحريم كان في شريعة النصارى ، لما أنكر النسخ في القرآن ألجئ إلى التعسف.
__________________
(١) قال الحازمي : هذا حديث صحيح متفق عليه ، أخرجه البخاري في كتابه عن سعيد بن أبي مريم ، ورواه مسلم عن ابن عسكر ، والصنعاني عن أبن أبي مريم أعني حديث سهل.
(٢) يستفاد من كلام الزمخشري أن أكثر الفقهاء والمتكلمين ومن ذكر من العلماء لم يعتبروا كل ما في الصحيحين صحيحا كما يزعم الكثير اليوم ، وأنهم نقدوا البخاري ومسلما كما نقدوا غيرهما من كتب الحديث ، وهذا هو الحق ، لا التعصب للباطل اتباعا للهوى ، نعوذ بالله منه.